الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما زلت أعاني من الاكتئاب وآثاره رغم العلاج، فما السبب؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكركم على الجهود الجبارة التي تقومون بها؛ لخدمة الإسلام والمسلمين.

لقد عانيت من حالات اضطراب المزاج المصاحبة للقلق العام، التي تغلُب عليها حالات الاكتئاب من متوسطة إلى شديدة، أراجع الأطباء، خاصة في حالات الاكتئاب؛ حيث يصعب العيش معها، فإنها توصلني في حالاتها الشديدة إلى أفكار انتحارية، ولله الحمد على نعمة الاسلام.

لقد قمت بتجربة مضادات الاكتئاب التي تمنع استرجاع (السيروتونين)، قمت بتجربتها كلها وبدون استثناء، إلا أنها تزيد من الاكتئاب والعصبية والقلق والمخاوف. أما (ثلاثيات الحلقة)؛ فقد ارتحت مع (الانفرانيل) و(التريبتزول) في بعض الفترات، وكانت الجرعات تصل حتى 150مج.

علمًا أنني كنت أستخدم واحدًا منهما، وليس كليهما معًا، لكن مفعولها ضد الاكتئاب بدأ يتراجع بعد ثلاثة أشهر من الاستعمال، وأحيانًا أرتاح وأشعر بانشراح، وكذلك الحال مع (الايبومانيا).

حاليًا بدأ يراودني شك أنني أعاني من اضطراب وجداني ثنائي القطبية من الدرجة الثانية، فبدأت باستعمال (الاميكتال)، 25مج، لعشرة أيام، حيث سأقوم برفعها بعد مضي أسبوعين إلى 50 مج.

كما تجدر الإشارة إلى أنني أعاني من اضطراب في النوم منذ بداية المرض، أي منذ حوالي 5 سنوات، حيث أجد صعوبة في الدخول في النوم، وأعاني من أحلام شديدة ولا تتوقف، كأنني أعيش حياة أخرى في منامي، وهي في غالبها مزعجة؛ تجعلني أهرب من النوم، وإذا عاودت النوم، أكمل نفس الأحلام، وأعيش نفس الحالة، نصحتَني في الاستشارة السابقة باستعمال (السيروكويل)، لكن –للأسف- زاد من حالة الاكتئاب عندي.

هل ترون أنني بالفعل أعاني من اضطراب وجداني ثنائي القطبية؟ وما هي جرعة (الاميكتال) المثلى لحالتي؟ وهل تستدعي دواء آخر داعمًا؟ مع العلم أنني لاحظت بعض الاستقرار في مزاجي منذ بداية استعمال (الاميكتال).

شكرًا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ طارق حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الاكتئاب النفسي والقلق النفسي واضطرابات المزاج متداخلة مع بعضها البعض ولا شك في ذلك.

استجاباتك لم تكن جيدة لمضادات الاكتئاب كما أوضحتَ، وهذا فعلاً يجعلني أتوقف عند هذا الأمر، ويجعلني أكون أكثر ميولاً إلى أنك بالفعل تعاني من اضطراب وجداني ثنائي القطبية؛ لأنه من المعروف أن ستين بالمائة من الذين يعانون من الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية، خاصة من الدرجة الثانية والثالثة لا يستجيبون بصورة جيدة لمضادات الاكتئاب، وربما تدفعهم نحو القطب الانشراحي، أو إن لم تدفعهم، تكون النوبات الاكتئابية متكررة بالرغم من تناول الدواء، وربما شيء من الانشراحية المختلطة مع الاكتئاب.

وأنت ذكرت بجلاء ووضوح كامل أنك بالفعل مررت بفترة قصيرة تكون فيها في الجانب الانشراحي، وهذا يكفي تمامًا لتشخيص حالتك أنها تُعتبر اضطرابًا وجدانيًا ثنائي القطبية من الدرجة الثانية.

على ضوء ذلك، من الأفضل أن تراجع طبيبًا نفسيًا واحدًا، وتتواصل معه وتتابعه؛ لأن الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية -بالفعل- يتطلب أن يكون الإنسان تحت المراقبة العلاجية.

من وجهة نظري أن (لامكتال) سيكون جيدًا ومناسبًا جدًّا بالنسبة لك، والجرعة التي يمكن أن تصل إليها هي مائة مليجراما صباحًا ومساءً، وأرى أيضًا أن تُدعمه بعقار (كربونات الليثيوم)، لكن هذا قطعًا يجب أن يكون تحت إشراف الطبيب.

لماذا كربونات الليثيوم؟ لأنها تُدعم (اللامكتال)، وفي ذات الوقت: أي إنسان شابتْه أفكار انتحارية يجب أن يتناول (الليثيوم)؛ لأنه أُثبت الآن أنه يطرد ويزيل هذه الأفكار تمامًا، حتى بالنسبة لغير المكتئبين.

أنا أرى أن (الليثيوم) مهم جدًّا في حالتك، ولكن (الليثيوم) -بالفعل- له بروتوكولات معينة، وضوابط معينة، وفحوصات معينة، وأنت ربما لا تحتاج أن تتناوله بجرعته الكاملة، ربما تحتاج لتناول الجرعة التدعيمية، وهي أربعمائة إلى ستمائة مليجراما في اليوم، هذا الأمر يحتاج إلى نقاش مستفيض مع طبيبك.

بالنسبة لمضادات الاكتئاب: (الزيروكسات) أو الذي يعرف علميًا بـ (باروكستين)، هو الذي أُثبت أنه جيد، وفي ذات الوقت لا يؤدي إلى الدخول إلى القطب الانشراحي، فإن احتجت لأي مضاد للاكتئاب كعلاج تدعيمي سيكون هو (الباروكستين).

إذًا هذا هو الذي أنصحك به، والنوم سوف يتحسَّنُ تلقائيًا إذا أحسنت إدارة صحتك النومية:

- لا نوم في أثناء النهار.
- النوم الليلي المبكر.
- ممارسة الرياضة.
- تجنب المثيرات: كالشاي والقهوة والبيبسي والكولا والشكولاتة في الأمسيات.
- الحرص على أذكار النوم والاستيقاظ، والوضوء قبل النوم.

أنت لا تحب أن تتناول (السوركويل)، لكن أنا أرى أن خمسة وعشرين مليجرامًا منه بعد أن تُرتِّب علاجك، إذا كان من خلال رفع جرعة (اللامكتال) وإضافة (الزيروكسات) أو إضافة (الليثيوم)، بعد ذلك تناول جرعة صغيرة من (السوركويل)، أعتقد أنها ستدعم نومك جدًّا.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً