الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعرفت على عدة فتيات وأغريهن بالزواج وأكذب، ما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم

أعلم أن ما فعلته كان خطئاً جسيماً، وزلات، أدعو الله أن يسامحني عليها، فأنا ابتليت بداء حب النساء، وصارت عندي شهوة الكلام معهن، لا لأسباب مخلة بالآداب، ولكن لكي أطفئ نار شهوتي المكبوتة، وبعد أن أتحدث مع من أريد ونتكلم في الأمور الحياتية، وبعد أن أعطيها تلميحات ووعوداً عن الزواج فإني أخلو بهن وأتركهن من غير سبب ولا داع، وبدون أي مقدمات سوي أني أريد التغيير!

كم من امرأة أو أنثي لم تسلم من يدي ومن مكري، فأنا كنت في الصغر كثير الحياء، وترعرعت وأنا أرى أصدقائي يحبون وأنا لا أملك حبيبة، حتى أحببت فتاة وقد خلت بي وتركتني بدون أسباب.

لا أعلم يا إخوتي، هل هذه حقيقة أنه صارت لي رغبة مكبوتة لكي أنتقم من النساء أم أن هناك سبباً آخر لذلك؟ الله أعلم.

أكثر ما جعلني أفيق مما أنا فيه هو أن جعلت فتاة محترمة تحبني، وكانت بنت أناس ومتدينة، وأنا لم أر في نفسي سوى ذلك الذئب الذي ينتظر الانقضاض على فريسته لكي يضيع وقته معها، والانتقال لغيرها، وبعد أن تكلمت معها ستة شهور وفررت من موضوع الزواج بها وخرجت من حياتها كالشعر من العجين بحجة أن أخي الكبير لا أستطيع الزواج قبله.

سبحان مغير الأحوال لقد تمت خطبة الفتاة لإنسان آخر، وهنا كانت الصاعقة علي، فأنا أدركت مؤخراً أني لا أريد سواها في هذا الكون، ومن الاكتئاب والمعاناة لم أستطع حتى النظر في وجهها.

هي تعمل معي في نفس المكتب، ولا أستطيع التوقف عن التفكير في ما فعلته بها، أرجوكم لا تسألوني أين كان عقلي وتفكيري عندما فعلت ذلك؟!

هذا موضوع، وهناك أخريات أيضاً فعلت معهن نفس الفعلة، فهناك من تتحسبن، وهناك من تدعو علي.

أردت التكفير عن ذنوبي وأن أطلب العفو من الفتاة التي تحسبنت، وأستسمحها لكي تسامحني لكنها رفضت وقالت: لن أرضى سوى بانتقام الله منك.

أرجوكم: هل لي من توبة، أم سأبقى في عسرتي وذلتي وانكساري طول العمر، وهل سوف أحاسب على ما فعلت ما دمت حياً أرزق؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مصطفى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك -أخي الكريم- في موقع الشبكة الإسلامية، ورداً على استشارتك أقول:

لا شك أن ما فعلته منكر عظيم، ولك أن تتصور أن ذلك يفعل مع محارمك، فماذا سيكون موقفك، وحفاظك على عرضك يبتدئ من المحافظة على أعراض الآخرين، وأياً كانت ذنوبك فإن التوبة لا يزال بابها مفتوحاً، ولا يزال الله يقبل توبة عبده ما لم تبلغ روحه حلقه، وما لم تطلع الشمس من مغربها، هكذا أخبرنا نبينا عليه الصلاة والسلام، ولقد أخبرنا ابن عباس: أن أناساً من أهل الشرك كانوا قد قتلوا فأكثروا، وزنوا فأكثروا، ثم أتوا محمداً - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: إن الذي تقول، وتدعو إليه لحسن لو تخبرنا أن لما عملناه كفارة، فنزلت هذه الآية: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)، فإذا كان المشرك الذي ارتكب كل هذه الكبائر تقبل توبته فما بالك بالمسلم العاصي؟ وما عليك سوى المبادرة بالتوبة النصوح، والتي من شروطها الإقلاع عن الذنب والندم على ما فعلت، والعزم على ألا تعود مرة أخرى.

عليك أن تبحث عن شريكة الحياة التي تحمل الصفات الجميلة، وأهمها الدين والخلق، كما أرشدنا لذلك نبينا عليه الصلاة والسلام، وأكثر من الصوم في هذه الفترة حتى تتزوج، ففي الصوم كبح للشهوة، كما قال عليه الصلاة والسلام: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) مع غض البصر الذي هو رأس كل شر امتثالاً لأمر الله تعالى: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ).

هذه وصيتنا لك بتقوى الله وتوثيق الصلة به، بالمحافظة على الفرائض والإكثار من النوافل، والالتزام بورد يومي من القرآن الكريم، والمحافظة على أذكار اليوم والليلة.

أسأل الله تعالى أن يتوب علينا جميعا وأن يصلح شأننا ويلهمنا رشدنا إنه سميع مجيب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً