الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من صدق التوبة عدم التفات القلب إلى الذنب

السؤال

تعرفت على فتاة في محل عملي وأحببتها وتبادلنا الاتصالات والمقابلات وكانت تحدث بيننا محرمات.... وخطبتها واستمرت هذه المحرمات بعد الخطوبة، وأرسلت لكم لاستشارتكم هل أتركها، لأنها طالما فعلت معي ذلك فهي غير صالحة وأبحث عن فتاة صالحة؟ أم أتزوجها، لأنني أحبها كثيرا وأخشى أن لا أنساها؟ وكان ردكم أن نتوب إلى الله ونتزوج، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: لا يرى للمتحابين مثل الزواج ـ وبالفعل تزوجنا منذ عام ونصف، ولكن حياتنا مليئة بالمشاكل والنكد والهم والغم، فهل هذا عقاب من الله على ما اقترفنا من الذنوب قبل زواجنا؟ وسؤالي الأهم هو أنها تحب استرجاع ذكرياتها قبل الزواج والخطوبة، ولكنني لا أحب ذلك... لأن هذه العلاقة كانت في الأصل علاقة محرمة والمفروض أننا تبنا إلى الله من هذه الأفعال ولا يجوز استرجاع هذه الذكريات والحديث عنها بفرحة واستمتاع، بل يجب عدم ذكرها ويجب كرهها، لأنها معصية، فماذا أفعل؟ وهل أوافقها؟ أم مجرد استرجاع هذه الذكريات والاستمتاع بذكرها يعتبر من الحرام شرعا ويجب نسيانها وكرهها؟ وهل زوجتي تعد عاصية ولم تتب أصلا؟ بالرغم من أنها تحبني كثيرا جدا وهي ملتزمة معي الآن ولا أشك في خلقها مطلقا، وتصلي وتصوم وتقوم الليل، ولكنني كرهتها بسبب كثرة ذكرها وحبها لهذه الأيام المليئة بالمعاصي؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يلزم أن يكون ما يحصل بينك وبين زوجك من المشاكل عقوبة على ما وقعتما فيه من المحرمات قبل الزواج، لكن على العموم، فإنّ الذنوب سبب المصائب، كما قيل: لم ينزل بلاء إلا بذنب ولم يكشف إلا بتوبة، قال ابن القيم: ومن عقوبات الذنوب أنها تزيل النعم وتحل النقم، فما زالت عن العبد نعمة إلا لسبب ذنب ولا حلت به نقمة إلا بذنب.

وقال ابن الجوزي: قال الفضيل بن عياض: إني لأعصي الله فأعرف ذلك في خلق دابتي وجاريتي.

واعلم أن التوبة تمحو أثر الذنب، فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له، ولا ريب في كون ما تفعله الزوجة من استرجاع ذكريات الأفعال المحرمة والتلذذ بذلك ينافي صدق توبتها، فإنّ من صدق التوبة عدم التفات القلب إلى الذنب، قال ابن القيم رحمه الله: وَمِنَ اتِّهَامِ التَّوْبَةِ أَيْضًا: ضَعْفُ الْعَزِيمَةِ، وَالْتِفَاتُ الْقَلْبِ إِلَى الذَّنْبِ الْفَيْنَةَ بَعْدَ الْفَيْنَةِ، وَتَذَكُّرُ حَلَاوَةِ مُوَاقَعَتِهِ.

فاحرص أنت وزوجك على تجديد التوبة إلى الله من كل الذنوب والمحافظة على الفرائض واجتناب المعاصي الظاهرة والباطنة، وتعاون معها على الطاعات وأكثرا من الذكر والدعاء، فإن الله قريب مجيب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني