الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم التوبة مع تأخير رد الحقوق إلى أهلها

السؤال

أريد أن أتوب، وعلي حقوق مادية للناس كثيرة، وحقوق معنوية مثل السب، والغيبة، والنميمة، والقذف الخ.
هل تصح توبتي، وأنا لا أصلي، وأريد أن أتوب، وأصلي، وأصوم الصوم الواجب، والنوافل من الصوم، ومن الصلاة وأريد أن أعمل أكثر الأعمال الصالحة.
هل يقبل عملي؟ هل تقبل توبتي ويقبل عملي، مع أني سوف أعيد هذه الحقوق، ولكن ليس الآن؛ لأنني في هذه الفترة سأحاول أن أعيد الحقوق، وأتبرأ من الحقوق المعنوية، والمادية.
هل تقبل توبتي، وأعمالي إذا تأخرت في إرجاع الحقوق؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فاعلم أن ما أنت مقيم عليه من ترك الصلاة، أعظم إثما، وأكبر ضررا مما تلبست به من الذنوب، فإن ترك الصلاة، كفر عند بعض العلماء والعياذ بالله، وانظر الفتوى رقم: 130853.

فتب إلى الله توبة نصوحا، من جميع الذنوب والآثام، وأعظمها ترك الصلاة، واحرص على الطاعات، وأكثر من نوافل العبادات، واعلم أن طاعاتك مع إصرارك على الذنوب وإن كانت مقبولة، وإن كان ما تؤديه من فروض يسقط به الواجب، ولا تبقى مطالبا به، إلا أن هذه الطاعات قد يحبط ثوابها إصرارك على بعض المعاصي، كما قالت عائشة لأم زيد بن أرقم حين باع بالعينة: أخبري زيدا أنه أحبط جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا أن يتوب. وانظر الفتوى رقم: 284281.

ثم اعلم أن توبتك من الذنوب المتعلقة بالآدميين، لا تصح إلا برد الحقوق إليهم، فإن كان ثم حقوق مادية، فلا ُبدَّ من إيصالها إلى مستحقيها، ولا يشترط أن تعلمهم بما وقع، بل المقصود رجوع الحق إلى مستحقه، وانظر الفتوى رقم: 139763.

وإذا عجزت عن رد تلك الحقوق لعدم معرفتك بأصحابها، أو عدم قدرتك على الوصول إليهم، فإنك تتصدق بها عنهم، فتنفقها في مصالح المسلمين، أو تدفعها للفقراء والمساكين.

وأما الغيبة ونحوها، ففي كيفية التوبة منها خلاف، ويرى بعض العلماء أنه لا يلزمك استحلال من اغتبته، بل يكفيك أن تستغفر له، وتدعو له بخير، وانظر الفتوى رقم: 170183.

وتصح توبتك من ذنب، مع عدم توبتك من ذنب آخر، وهو خير من إصرارك على الذنبين، وإن كان الواجب هو المبادرة بالتوبة النصوح من جميع الذنوب، واعلم أن توبتك إذا صحت، غفر الله ذنوبك، وصرت كمن لم يذنب، كما قال صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني