الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السلامة في البعد عن المواقع الإباحية

السؤال

بارك الله فيكم على مجهودكم فوالله كلما جاءتني حيرة أو سؤال راجعت فتاواكم فأراحت قلبي بإذن الله.
أما حالتي فهي كالتالي:
أنا كنت منغمسا في المعاصي في صغري قبل أن أبلغ وبشكل أدق في المقاطع الإباحية فكنت أفعل المعصية وأتوب بعدها توبة نصوحا, لكنني كنت صغيرا وقتها حيث لم يدخل الإيمان قلبي بعد، وكل هذا بسبب البيئة السيئة التي كنت وما زلت فيها, ولكن ـ الحمد لله ـ بعد أن بلغت اهتديت بهداية الله إلى طريق السعادة في هذه الحياة، وبعد التوبة وقعت في المعاصي مرات ومرات ثم أتوب، وأنا موقن بأن الله غفر لي، مع بقاء الهم الشديد والحسرة والندم.
لا وجود للرياء هنا, كيف أرائي وأنتم لا ترونني ولا تعلمون عني شيئا إلا ما أخبرتكم به, وأنا عبد أحرص على أن لا ألغي توبتي, فبعد كل هذا العناء تبت توبة صادقة عن كل الصغائر التي لم أستصغرها أبدا إلى يومنا هذا مع وجود بعض الشك في توبتي، هذا مهم لوصف حالتي, قلبي متعلق بالمساجد إلى درجة أني أجلس في المساجد في بعض الأيام أكثر من جلوسي في البيت وأكثر من الاستغفار والدعاء والتسبيح.
وعندما ينتهي يومي بالنسبة لجلوسي في المسجد أرجع إلى البيت وفي قلبي شهوة كبيرة قد كتمتها أشهرا, مع العلم أني أغض بصري عن كل فتاة تمر بجانبي في خارج المنزل، سواء كانت تنظر إلي أم لا تنظر إلي، فما أبتغي بهذا إلا رضا الله تعالى، والحمد الله الذي من علي بالإيمان واللذة القصوى التي أشعر بها كل يوم.
ولكن المشكلة تبدأ عندما أنتهي من كل هذا يوسوس لي الشيطان بالدخول إلى أحد المواقع الإباحية وفعلا أدخل، وفي بعض المرات أخرج من الموقع دون أن أنظر إلى أي شيء, فأعلم أني لم أعص ربي، أنا غريب وأتكلم مع نفسي في بعض الأوقات, أنت أنت تفعل هذا؟ ما أوقحك! وما أحقرك! فأدخل وأنا واضع يدي على الشاشة وعلى الصورة بمعنى أني لا أنظر إلى العورات ولم أدخل لأراها، لكن الشيطان خبيث فأضغط على الصورة التي قد بدا لي منها بعض العورات قبل أن أضغط فهي تظهر فجأة دون أن أشعر بها, فأنتقل إلى صفحة أخرى فيها المقطع الإباحي فأشغله وأنا واضع يدي على المقطع، فعندما أنزل إلى نهاية الصفحة حتى أجتنب النظر تظهر لي بعض الصور فجأة فأصرف بصري، وكل هذا تحت تأثير الشيطان الخبيث، فيوسوس لي أن أرجع إلى المقطع فأرجع ولكني لا أنظر إلى الفاحشة بل أنظر إلى زاوية المنزل فرضا الموجودة في المقطع أو إلى زر الإغلاق في أعلى الصفحة مثلا، كأني في صراع مع الشيطان ومع خوفي من الله أن أعصيه، فالحمد لله أنها كل ما تحدث لي أخرج من الموقع دون أن أرجع إلى عادتي القديمة التي تبت منها.
ولكن في مرة من المرات بعد أن حدث نفس الذي حدث خرجت من الموقع وعندي شهوة وشعور أن المني سيخرج وأنا لا أريده أن يخرج، لأني لا أريد أن أفسد توبتي وصيامي، ولا أريد أن يكبر إثم معصيتي, فبعد دقيقة أو دقيقة ونصف يخرج المني فجأة وأنا حزين وغير قادر على منعه، فأشعر بندم شديد في تلك اللحظة, مع العلم أني لم أكن أنظر إلى أي مقطع أو صورة مخلة أثناء خروجه!.
أعتذر عن إطالتي ولكن أسئلتي كالتالي: وأرجو أن تريحوا قلبي فما يتبع هذا الفعل إلا الندم واستحقار النفس، فهل يبطل صيامي؟ وهل بذلك أكون قد ألغيت توبتي عن المقاطع الإباحية؟ مع العلم أن هذا لا يحصل إلا في الشهر مرة أو مرتين، وهل ذلك يعني أني لا أخاف ربي في الخلوة?.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يقبل توبتك ويقيل عثرتك، ثم الذي يتعين عليك فعله هو مقاطعة تلك المواقع بمرة وعدم الدخول عليها البتة، فإنه من حام حول الحمى أوشك أن يرتع فيه، وإذا كان صراعك المذكور مع الشيطان لم يصل بك إلى رؤية ما لا تحل رؤيته فنسأل الله ألا يكون عليك في ذلك إثم، وألا تكون ممن ينتهك الحرمات في الخلوات.

وأما خروج المني والحال ما ذكر فإذا كان يخرج لمجرد الفكر ولم يكن يخرج لنظر أو نحوه -كما هو الظاهر- فلا يفسد صومك بذلك على الراجح، وانظر الفتوى رقم 127123.

وننصحك أخيرا بمجاهدة نفسك مجاهدة تامة، والبعد عن مواضع الريب، وعما من شأنه أن يوقعك في معصية الله تعالى، وأن تسد على نفسك هذا الباب بعدم الدخول إلى شيء من تلك المواقع أصلا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني