الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ليس كل تبسم عند رؤية معظمات في الشرع يخرج من الملة

السؤال

أنا مبتلى بالوسوسة، وبدأت معي في الطهارة من التبول وابتكرت طريقة أن أنشف الذكر بعد الاستنجاء وأنتظر حتى أتيقن انقطاع البول ثم أتوضأ أو ألبس وأخرج، ولكن الموضوع تطور وأصبح وسواسا في العقيدة وبالذات في الاستهزاء بالدِّين، فمثلا مرة كنت أتابع فتاوى في اليوتيوب وظهرت صورة فيديو عنوانه هل هذا استهزاء بالصلاة؟ والصورة فيها شخص يصلي وبجواره اثنان يلبسون ملابس دمى ويصلون معه، وفجأة بدون إرادتي تحركت عضلات وجهي دون أن أبتسم فطرأ في بالي أني كفرت، فندمت واستغفرت وتبت، وأيضا حصلت معي أكثر من مرة؛ حيث كنت أقرأ في فتوى لديكم عن شخص تحدث عن حلق اللحية زمن الرسول صلى الله عليه وسلم وعلاقته بوجود الحلاقين وشعرت أيضا بعضلات وجهي تحركت كأني ابتسمت، وصراحة لا أدري هل ابتسمت أم ربما ابتسمت؟ لست متأكدا، وأيضاً ظهرت لي صورة من صفحة بالفيس بوك أنا مشترك بها ومعلق عليها أنها استهزاء بالصلاة، وأيضاً شعرت أن عضلات وجهي تحركت، وقد أكون ابتسمت لا أدري، ولكني أنكرت هذا الموضوع في قلبي وغضبت من ذلك، وأيضاً أحيانا تطرأ لي أفكار شيطانية بها استهزاء بالدِّين وأشعر كأني ابتسمت أو سأبتسم ولكن لا تكون ابتسامة كاملة فقط تحرك بعضلات الوجه أو الوجنتين والخدين، ولا أدري ماذا أفعل؟ شعرت بالانهيار واستغفرت الله تعالى وتبت وشعرت براحة الضمير مرة من المرات، وصل الأمر أني اغتسلت ونطقت الشهادتين ثم بعد ذلك ظهرت لي هذه الصورة في الفيس، وبعدها قرأت سؤال الفتوى عن حلق اللحية زمن الرسول صلى الله عليه وسلم ولكن في هذه المرة الأخيرة ندمت، ولكن قلت في نفسي إنه وسواس؛ حيث كنت أقرأ في فتاواكم هنا، ولكني الآن لا أدري فأنا خائف من أن أكون من المستهزئين بالدِّين أو أن أكون كفرت، ولا أدري ماذا أفعل؟ أصبحت متوجسا من هذا الموضوع، وسؤالي هو: ما حكم ما حدث معي؟ هل أنا محاسب على هذا؟ وهل تحرك عضلات الوجه او الإحساس بالابتسام يعتبر استهزاء؟ وهل إذا أحسست بالضحكة ولكن كتمتها في نفسي ولم أضحك تعتبر استهزاء أيضا؟ وماذا افعل؟ وكيف أتوب إلى الله تعالى من ذلك؟ وهل أعتبر من المستهزئين الخارجين من الملة؟ وما السبيل للتخلص من ذلك؟ حيث تغيرت حياتي وأصبحت حزينا أغلب الوقت ووزني نزل، ولا أستطيع الدراسة بتركيز، أرجو سرعة الإجابة، وأرجو الإجابة بشكل كامل وليس التحويل لفتوى أخرى، رجاء أفتوني في قصصي هذه ثم أحيلوني لفتاوى أخرى إن لزم الأمر.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمما هو واضح أن الوسواس قد بلغ منك مبلغا عظيما، فينبغي ـ أولا ـ أن تعلم أن كل هذه الوساوس من الشيطان، وأن غرضه منها التشويش عليك وإيقاعك في الحرج والمشقة؛ لكي ينغص عليك عيشك ويفسد حياتك، فعليك أن لا تطاوعه أبدا؛ لأن الله تعالى يقول: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ {فاطر:6}.

ومن ثم فيتعين عليك طرح هذه الوساوس وعدم الالتفات إلى أي شيء منها، وكلما وسوس لك الشيطان بأنك ارتكبت ما يوجب الكفر أو أنك فعلت هذا الفعل استهزاء فادرأ في نحره وادفع عنك وسوسته، وتعوذ بالله من شره، وراجع الفتويين التالية أرقامهما: 51601، 3086.

ثم اعلم أن هذه الوساوس والخواطر لا تؤثر في إيمانك، وأنك بحمد الله على ملة الإسلام ولا تخرج منها بمجرد تلك الوساوس والأمور التي ذكرت، وأن ما حصل منك لا يصدق عليه اسم الاستهزاء بالدين أصلا, فحقيقة الاستهزاء هي السخرية والاستخفاف، وليس كل ضحك أو تبسم يجري على الشخص عند رؤية أو سماع الحديث عن معظمات شرعية يعد كفرًا يخرج به صاحبه من الملة.

كما أن ما حصل منك ـ لو سلمنا أن فيه شيئا ـ فهو داخل في دائرة المعفو عنه لأنه ليس أمرا اختياريا متعمدا، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. رواه بن ماجه وصححه الألباني.

وأنت ـ كما هو بَيِّن ـ كاره لتلك الوساوس ، وغير مريد الاستهزاء بالدين، وهذا هو صريح الإيمان، فدع عنك الوساوس والأوهام، ولا تعرها أي اهتمام

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني