الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الأغاني والموسيقى

السؤال

هل الموسيقى، والأغاني، والغناء، والسماع محرم في كل وقت، حتى لو كان خارج وقت العبادة؟ ولو كنت أسمعها في وقت الصلاة، وذهبت إلى الصلاة وتوقفت عن السماع، وفي نفس السياق أعلم أن الغناء ينقسم إلى حرام، وحلال من ناحية الكلمات، وهل معنى هذا أن هناك من الأغاني ما هو مباح، ومنها ما هو محرم مع الموسيقى؟ وحتى الآن لم أجد إجابة عن سماع الأغاني، والموسيقى، فأرى بعض الشيوخ يقولون: إنها تنقسم إلى حرام وحلال، ولماذا حرم السماع؟ وهل الحرمة في جميع الأوقات؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن الأغاني المشتملة على معازف -كالموسيقى، أو نحوها- محرمة مطلقًا، كما دلت عليه النصوص، وإجماع العلماء المعتبرين، حاشا الدف، فإن العلماء قد اختلفوا في حكمه في حق الرجال، وهو مشروع في العرس، ونحوه.

وأما الأغاني الخالية من المعازف: فهي التي في حكمها تفصيل، فلا حرج في استماعها إن كانت كلماتها خالية من المحاذير الشرعية ـ كالشرك بالله، أو الدعوة للفاحشة، أو نحو ذلك ـ وكان استماعها خاليًا عن الفتنة، ولا يصد عن ذكر الله، وأداء الفرائض، قال ابن رجب: فأكثر العلماء على تحريم ذلك ـ أعني سماع الغناء، وسماع آلات الملاهي كلها ـ وكل منها محرم بانفراده، وقد حكى أبو بكر الآجري، وغيره إجماع العلماء على ذلك، والمراد بالغناء المحرم: ما كان من الشعر الرقيق الذي فيه تشبيب بالنساء، ونحوه، مما توصف فيه محاسن من تهيج الطباع بسماع وصف محاسنه، فهذا هو الغناء المنهي عنه، وبذلك فسره الإمام أحمد، وإسحاق بن راهويه، وغيرهما من الأئمة، فهذا الشعر إذا لحن، وأخرج تلحينه على وجه يزعج القلوب، ويخرجها عن الاعتدال، ويحرك الهوى الكامن المجبول في طباع البشر، فهو الغناء المنهي عنه، فإن أنشد هذا الشعر على غير وجه التلحين، فإن كان محركًا للهوى بنفسه، فهو محرم أيضًا، لتحريكه الهوى، فأما ما لم يكن فيه شيء من ذلك، فإنه ليس بمحرم، وإن سمي غناء، وعلى هذا حمل الإمام أحمد حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ في الرخصة في غناء نساء الأنصار، وقال: هو غناء الركبان أتيناكم أتيناكم، يشير إلى أنه ليس فيه ما يهيج الطباع إلى الهوى، وعلى مثل ذلك أيضًا حمل طوائف من العلماء قول من رخص في الغناء من الفقهاء، من أصحابنا، وغيرهم وقالوا: إنما أردوا الأشعار التي لا تتضمن ما يهيج الطباع إلى الهوى، وقريب من ذلك الحداء، وليس في شيء من ذلك ما يحرك النفوس إلى شهواتها المحرمة. اهـ. باختصار من نزهة الأسماع.

وأما سؤالك: ولماذا حرام السمع ـ فهو محرم للأدلة الشرعية التي دلت على ذلك، وستجد ـ إن شاء الله ـ بيانًا شافيًا كافيًا لذلك في الفتاوى التالية أرقامها: 54316، 5282، 63027.

وأما سؤالك: وهل الحرمة في جميع الأوقات ـ فالغناء المحرم لا يحل الاستماع إليه مطلقا في جميع الأوقات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني