الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعراضي النفسية انعكست على صحتي الجسدية!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب وبعمر 35 سنة, منذ 10 أعوام وأنا أشعر بالإرهاق والتعب، وأعاني من اضطراب نبضات القلب، ولدي شعور بالضعف التام، وكأنني أدخل في غيبوبة في بعض الأحيان, يلازم تلك الأعراض نقص الرؤية والضوء، وأرى خيوطا سوداء صغيرة وكثيرة أمام عيني, وإحساس بالضعف يتلازم مع الرعشات، كرعشات البرد، وأحيانا أشعر بالحرارة والتعرق, ولكنني لا أشعر بألم القلب إلا نادرا, وأشعر بأن الدم ينسحب من جسمي، ولدي اصفرار في اليدين رغم أنني كنت من الرياضيين ولدي نشاط واضح، واليوم أعجز عن القيام بأبسط التمارين الرياضية، ولو مارستها أظل بانتظار العواقب!

ذهبت إلى عدة أطباء، منهم العام ومنهم المختص بأمراض القلب, وأجريت تخطيط القلب مرتين، وعدة تحاليل: للغدة الدرقية، والسكري، وفقر الدم، والكلى، والكولسترول, والكشف الأول كان بعد ثلاث سنوات من بداية المرض، وتضمن تخطيط القلب, والكشف الثاني كان بعد ثلاث سنوات أيضا بعد الكشف الأول وشمل تخطيطا للقلب أيضا، والتحاليل نفسها, علما أنني ترددت كثيرا للطبيب العام، وكرر التخيط، وفي كل مرة الأمور سليمة.

لدي أعراض أخرى قد تفيد في تقييم الحالة, فأنا شخصية عصبية وتظهر انفعالاتي لأتفه الأسباب, وأعاني من تسلط الأفكار، وكثرة التفكير العشوائي، تفكير يشبه الفوضى في رأسي, كل أمر أفكر فيه أجده يلتصق بعقلي ويبدأ بالتكرار المزعج والمستمر في الليل والنهار, يستهلك التفكير جهدا كبيرا من طاقتي، حاولت تجاهله لكن دون جدوى، أفزع من أبسط الأصوات والحركات, وحينما أكون في المنزل أشعر بأن شخصا ما في المطبخ أو في باقي الغرف، ويراودني الخوف, أشك كثيرا، أشك في زوجتي رغم أنها سيدة فاضلة ومتدينة, ولكن هذا ما ابتليت به، فصبر جميل والله المستعان, نومي مضطرب لأن عملي يتطلب ذلك.

أحاول أن أكون ملتزما دينيا، وأحافظ على صلاتي، وأقرأ القرآن يوميا -بفضل الله-, وأعمل على تجنب المعاصي قدر إيماني، عل الله يرحمني ويكشف عني الكرب والبلاء.

أنا لا أدري إن كانت حالتي مرضية أم عصبية أم كليهما, فإن كانت حالتي نفسية أو عصبية فالمرجو منكم توضيح الأدوية الغير الآمنة, والتي تسبب الإدمان والأعراض الجانبية، فلدي تخوف من تناولها, فأنا لم أزر طبيبا نفسانيا من قبل.

أعتذر عن المتاهات التي وضعتكم فيها, والتفاصيل المملة التي سردتها لكم، وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية.

أخي: الذي يظهر لي أنك تعاني من إجهاد جسدي ونفسي، والعامل النفسي هو الأساس فيما تعاني منه من إجهاد، وأنتَ ذكرته بصورة جليّة جدًّا أنك شخص عصبي وسريع الانفعال، وتستحوذ عليك أيضًا أفكار تسلُّطية، ولديك بعض الشكوك والظنانيات.

أخي: هذه الأعراض تكفي تمامًا لأن تؤدي إلى تغيرات نفسية قد تنعكس على جسدك، وموضوع سرعة الإجهاد دُرس كثيرًا، وأُجريتْ حوله الكثير من البحوث، وكثير من العلماء يرونه إحدى مُكافئات أو موازيات أو مُعادلات الاكتئاب النفسي، لذا حين يُعالج كما يُعالج الاكتئاب النفسي تكون هنالك فائدة علاجية كبيرة -إن شاء الله تعالى-.

أنتَ أجريت الفحوصات التامة، وكلها -الحمد لله- سليمة، فإن تمكّنت -أخي- أن تذهب إلى طبيب نفسي يُعتبر أمرًا جيدًا، وإن لم تتمكن يجب أن تمارس الرياضة مهما كانت درجة الإجهاد لديك، مهما كانت الدافعية مفقودة، إلا أن الرياضة يجب أن تكون نشاطًا يوميًا في حياتك، فهي تُحرِّك الطاقات الجسدية والطاقات النفسية الإيجابية، احرص على ذلك تمامًا.

الأمر الثاني: لابد أن تكون هنالك برامج يومية تلتزم من خلالها: أن تدخل في أنشطة مهنية، أنشطة اجتماعية، حرصك على صلاتك مع الجماعة، الإكثار من التواصل الاجتماعي، وذلك من خلال الالتزام بالواجبات الاجتماعية حيال أسرتك وحيال أرحامك، وحيال أصدقائك وحيال جيرانك، وكل مَن تعرف.

النفس لابد أن تُلزم، لابد أن تُطارد لتُنجز، وتُحمُّلِ شيءٍ من الألم -نفسيًا أو جسديًا- في حياتنا أمر جيد، لأنه يؤدي إلى رفع درجة المناعة الجسدية والنفسية والفكرية عند الإنسان.

عدم تحمُّلك للضجيج وللأصوات المرتفعة دليل واضح على أنك بالفعل لديك قلق داخلي، قلق مُقنّع، قلق مكتوم، وفي هذا السياق أقول لك: لابد أن تُعبِّر عن نفسك، عبِّر عن نفسك بحرِّية، عبِّر عن نفسك ولا تكتم؛ لأن السكوت حتى على الأمور البسيطة يؤدي إلى احتقانات نفسية داخلية سلبية، تؤدي أيضًا إلى الاكتئاب أو موازيات الاكتئاب مثل عِلَّة الإجهاد المزمن التي تعاني منها.

أخي: الذهاب إلى طبيب نفسي أراه أمرًا جيدًا ومرغوبًا، وإن لم تستطع أن تذهب فالدواء الذي يجب أن تستعمله هو عقار (بروزاك)، والذي يُعرف علميًا باسم (فلوكستين)، والجرعة المطلوبة في حالتك هي كبسول واحدة يوميًا لمدة شهرٍ، تناولها بعد الأكل، ثم اجعلها كبسولتين يوميًا لمدة ستة أشهر، ثم انتقل إلى الجرعة العلاجية وهي كبسولة واحدة يوميًا لمدة ستة أشهر أخر، ثم اجعل الجرعة كبسولة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم توقف عن تناول الدواء.

البروزاك دواء سليم وفاعل ولا يؤدي إلى الإدمان أبدًا، من آثاره الجانبية أنه عند المعاشرة الزوجية ربما يؤخِّرُ قليلاً القذف المنوي، لكنّه لا يؤثِّرُ على الصحة الإنجابية أو الذكورية عند الرجل.

أخي: موضوع الشكوك؛ هنالك دواء بسيط جدًّا يُعرف باسم (رزبريادون)، أريدك أيضًا أن تتناوله بجرعة واحد مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ولابد أن تُحسن الظنّ بزوجتك الفاضلة، ولا بد أن تُغلق الطريق تمامًا أمام الشكوك والارتياب والظنانيات، وأكثر من الاستغفار، واستعذ بالله كثيرًا في هذا السياق.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً