الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أهل خطيبتي أخلفوا بوعدهم تجاه الزواج

السؤال

السلام عليكم.
أولا أود أن أشكر القائمين على هذا الموقع، جزاكم الله خيرا أيها الأفاضل.

أنا شاب، عمري 24 عاما، أدرس الآن في إحدى الجامعات التركية بكلية الشريعة في السنة الثالثة، كنت قد تقدمت لخطبة فتاة عمرها الآن 16 عاما، ولقد مضى على خطبتنا أربعة أشهر، وكان الاتفاق بين الطرفين على أن يتم زفافنا بعد 8 أشهر، عندها أكون قد أنهيت الفصل الدراسي السادس وتفرغت لتجهيزات الزفاف.

الآن بعد مرور أربعة أشهر تفاجأت بقرار أبيها الجديد الذي قال لي إنه خائف جدا من العقوبات الحكومية هنا في تركيا بشأن الزواج تحت سن القانون، وعبر لي عن تخوفه تجاه ذلك وبأنه قد غير رأيه فيما يخص فترة الخطوبة، وطلب مني إطالتها سنة كاملة لتفادي ما قد يحدث بشأن سن الفتاة الذي يعتبر تحت السن القانوني للزواج هنا في تركيا، ولتفادي تداعيات ذلك من حمل أو ولادة بعد الزواج. فما كان مني إلا أن رفضتُ تلك الادّعاءات، وشرحت لهم أنه بإمكاننا تأجيل توثيق عقد الزواج في المحكمة إلى أن يكون عمر الفتاة مناسبا، وأخبرتهم بأني مستعد لتفادي حدوث الحمل وبأني أتحمل مسئولية ذلك. طبعا لم يقبلوا ذلك بسبب خوفهم من حدوث حمل أو ولادة.

أنا حاولت أن أجعل وسطاء بيني وبينهم أو من يستطيع إقناعهم، لكن للأسف أبوها لم يقتنع، وأنا بعدما عملت الذي بوسعي دون جدوى، أخرجت الخاتم من بُنصري ووضعته على الطاولة وطالبت بأن يردوا لي ما كنت قد قدّمْتُه للفتاة من ذهب ولباس ونحوه فرفضوا وادّعوا بأني أنا من فسخت الخطبة، ولهذا فليس لي الحق بمطالبتهم بشيء. عندها لم يكن بإمكاني فعل شيء سوى الرضوخ إلى ما أرادوا وتقبل ذلك رغما عن أنفي، فماذا عساي أن أفعل بعد كل ذلك!

السؤال هو: بماذا تنصحوني؟ هل أترك لهم ما أرادوا وأبحث عن فتاة أخرى لكي أعف نفسي عن الحرام، فإني لا أُخفي عنكم ما أنا محاط به من الفتن يمنة ويسرة، فأنا بحاجة ماسة للزواج بأقرب وقت والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (من استطاع منكم الباءة فاليتزوج)، أم تنصحوني أستمر في خطبتي هذه لسنة كاملة مراعاة للفتاة التي لا ذنب لها، علما أني أخاف على نفسي الفتنة. كنت قد اكتشفت أن الفتاة ليست صاحبة دين على الوجه الذي كنت أتوقعه، فهي متعلقة بي الآن لذلك عندما أطلب منها أن تهتم بقراءة القرآن والصلاة على وقتها تتقبل ذلك إرضاء لي، هي تُعتبَر صالحة وقابلة للتحسن، أنا خائف عليها من الذي سيصيبها من اضطرابات نفسية إذا تم الانفصال.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أنس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك ابننا الفاضل في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يكتب لك السعادة والتوفيق والاستقرار.

لا شك أن مراعاة القوانين الموضوعة في البلاد من الأمور المهمّة جدًّا في زماننا، وأرجو أن تُطيل فترة الخِطبة إلى المدة التي أرادها الوالد، طالما كانت الفتاة بالطريقة وبالصفة المذكورة، وأن عندها استعدادا كبيرا للتحسُّن، أنها متعلقة بك، والإنسان لا يرضى لبنات الناس ما لا يرضاه لبناته ولأخواته، فبمجرد تقدُّم الشاب وطرقَ الباب فإن الفتاة تميل إلى هذا الشاب الذي ارتاحتْ إليه، وقد لا تسعد إلَّا معه.

فلا تحاكم الفتاة على إصرار والدها، وحاول أن تصبر، واعلم أن الإنسان وجود مخطوبة في حياته له أثر كبير في دعم استقراره، لأن الخطبة مدخل شرعي مهم، ولا مانع من أن يبقى الإنسان على هذا الأمل وينتظر الأشهر المعدودة، والتي نرجو أن تجتهد فيها في دراستك، وفي طاعتك لربّك، وتبتعد عن مواطن الفتن جهدك، واستعن بالله تبارك وتعالى حتى تكتمل المدة المذكورة، وأعتقد أن الاستمرار مع هذه الفتاة من الأمور التي ستكسب عليها أجر وثواب عند الله تبارك وتعالى.

والأمر كما ذكرتَ، فلا ذنب للفتاة في إصرار والدها، والوالد أيضًا قد يكون معذورًا؛ لأنه فعلاً قد تترتب على وجود حمل، والحمد لله استأذنكم، والإنسان قد لا يستطيع فعلاً التحكّم في هذه المسألة، وإذا استخدمت وسائل طبيّة لمنع الحمل فإن هذا يضرُّ بالفتاة لكونها بكر، ولكونها في بدايات حياتها.

وعليه أرجو أن تصبر هذه الأشهر المعدودة، أو هذا الفرق الذي أعتقد أنه بين الستة أشهر وسنة، يعني: ستة أشهر أخرى، ولا مانع من أن تُدخل من الوسطاء مَن يستطيع أن يُعدل المدة ويُساوم عليها بما يضمن لك وللفتاة زواجًا آمنًا مستقرًّا، لأن الدخول أيضًا في حياة فيها توتر؛ هذا ممَّا يجلب المشاكل، ويجعل جميع الأطراف عُرضة للتوتر.

ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُعينك على الخير، وأتمنّى ألَّا تضطروا إلى أن يُرجعوا لك أو تُرجع لهم أو تدخلوا في مثل هذه الخلافات، ولا شك أن هناك فرقٌ بين أن يكون الرفض منهم أو يكون الرفض منك، ولكن على كل حال هذه الأمور نتمنَّى ألَّا تحتاجوا إليها، فالذي نميل إليه هو أن تصبر وتُكمل هذا المشوار مع الفتاة، واجتهد في تلطيف الأجواء، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يحفظك، واعلم أن الإنسان مطالبٌ بسلوك سبيل العفاف، ولله الحمد، نسأل الله أن يُبلّغنا رمضان، وعليك أن تجتهد في الصيام، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فمن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء)، وكذلك تستخدم الوسائل الأخرى كالاشتغال بالعلم وتفريغ الطاقات الزائدة والرياضة والاشتغال بمعالي الأمور، والسعي نحو المستقبل، وقبل ذلك مراقبة الله تبارك وتعالى في السر والعلن، وتفادي المُثيرات.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقك، وأن يرفعك عنده درجات، وشكرًا لك على الثناء على الموقع، ونحن في خدمة أبنائنا والبنات.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً