الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خوفي من الخيانة يضعف رغبتي في الزواج، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم.

عمري 19 سنة، كنت أنوي الزواج عندما أنتهي من دراستي وأكون قادراً على الزواج وتحمل المسؤولية، وكنت متفائلاً بأنني سأحظى -إن شاء الله- بعلاقة زوجية سعيدة؛ لأنني أنوي الحرص على إسعاد زوجتي وأن أتقي الله فيها، ولم يسبق لي الدخول في أي علاقة مع أي فتاة من قبل، وأغض بصري؛ لأنني أعلم أنه أمر محرم، وقلت: سأنتظر الحلال.

لكن منذ شهر تقريباً صادفني فيديو يتكلم عن رجل خانته زوجته، في العادة ما كنت أهتم لهذه الأمور، ولكن هذه المرة شدني الأمر وخفت أن يحدث لي مثله، فبدأت أبحث وأقرأ عن خيانة الزوجات لأزواجهن وصدمت أنها تحدث أكثر مما توقعت، فأصابني الوسواس بأنني عندما أتزوج زوجتي ستخونني، وما أخافني أكثر أن الكثير من الفتيات حالياً يكلمن الأولاد، وعلى علاقات بهم.

أنا أعلم أنه يجب علي أن أبحث عن ذات الدين، ولكني أخشى أن أنخدع بفتاة تظهر نفسها بأنها على دين وخلق، ثم بعد الزواج أكتشف العكس! أصبحت هذه الأفكار تراودني دائماً لدرجة أني أحياناً لا أستطيع التركيز في دراستي بسببها، وأحياناً أقول: إن الله لن يخيب ظني به، وأنه سيرزقني زوجة صالحة؛ لأنني دائماً ما أدعو الله بها، ولأن نيتي خير، ولماذا ستخونني وأنا أحسن إليها؟

وأصبحت أحافظ على صلاتي وأدعو الله كثيراً، ولكني أحياناً أقول: هل كان كل هؤلاء الرجال الذين خانتهم زوجاتهم لا يفعلون هذا أيضاً؟ فمن الممكن أن تخونك زوجتك رغم كل هذا، ورغم معاملتك الحسنة لها، أصبحت أخاف أن تخونني، وأن تنجب طفلاً على أنه طفلي! وأخاف أن أتزوج وأعيش في شك وحزن، آسف على الإطالة.

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك -أخي الفاضل- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله أن يوفقنا وإياك لصالح القول والعمل.

أخي الفاضل: يعتبر الزواج مشروع العمر الذي يدوم معك العمر كله، لذلك اختيار الزوجة التي تجعل هذا المشروع ناجحاً، ويحقق السكن والمودة والرحمة أمر في غاية الأهمية، والحمد لله؛ فقد وضح لنا الشرع الحكيم صفات الزوجة الصالحة والزوج الصالح، الذين يتحقق بهم استقرار البيت، والشعور بالسكن والمودة والاطمئنان، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين، تربت يداك)، فهذا الحديث يبين أن الناس يبحثون عند النكاح عن صفات متعددة: إما الجمال، أو الحسب، أو المال، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم يرشد إلى الدين، وهو الاستقامة على دين الله وشرعه قولاً وعملاً، وكذلك صفة الزوج يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)، فجعل الدين والأخلاق أهم صفات الزوج الصالح.

لذلك -أخي الكريم- لا تقلق إذا كنت تتبع هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم تغتر بما يروجه الإعلام اليوم ووسائله المختلفة، وعليك باختيار ذات الدين والتقوى والصلاح، وقد شرع الإسلام قبل الزواج فترة للتعارف -وفق ضوابط الشرع- وهي ما تسمى بالخِطبة، ويمكن من خلالها الرؤية الشرعية، والتعرُّف على خُلق الفتاة، وفهم شخصيتها، وأفكارها وحقيقة تدينها واستقامتها، كما يمكن سؤال صديقاتها عبر محارمك ومن يعرفون تاريخها وحياتها، وكل ذلك يصل بك إلى اليقين -بإذن الله-.

أخيراً: -أخي الكريم- الخيانة الزوجية -والعياذ بالله- ليست من أخلاق وصفات أهل الإسلام، حتى وإن حدثت فإنها لا تعد ظاهرة إلا في الأوساط البعيدة عن الشرع والأخلاق الإسلامية، وأنت إذا أحطت نفسك بصفات الصالحين والأخيار؛ فستعيش في بيئة الأخيار والصالحين وما يعود عليك منها من خير، ثم انتقيت زوجتك من هذه البيئة الملتزمة الصالحة؛ فتأكد أن المنبت الطيب لا يخرج إلا الطيب -بإذن الله-، يقول تعالى: {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} [النور: 26].

فننصحك -أخي الفاضل-: بالدعاء والحرص على الأعمال الصالحة، لتكون صالحاً في نفسك ومصلحاً لغيرك، وأن تشغل قلبك وفكرك الآن بدراستك، والإعداد لهذا المشروع، فإذا جاء وقت الزواج فعليك أن تحرص على ما ذكرناه لك، وبإذن الله لن تجد إلا الخير إذا سلكت طريق الصالحين، ولا تحاول أن تسترسل بالأوهام وأحلام اليقظة، فإنها تأخذ من وقتك وفكرك، وتزيدك قلقاً، مع أنك لا تزال في مراحل التفكير فقط، ولم تبادر إلى الزواج الفعلي.

نسأل الله أن يوفقك للخير ويدلّك عليه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة