الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاقب نفسي عند الخطأ خوفًا من الله، فهل من توجيه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا من الناس الذين يعاقبون أنفسهم لو فعلوا للآخرين شيئًا مؤذيًا، في إحدى المرات تكلمت عن شخص بالسوء ووضعت نفسي في نفس موقفه؛ حتى يتكلم عني الناس بالسوء وأعاقب نفسي، وما زلت مستمرًا بفعل ذلك كلما تكلمت على شخص أو ظننت أني تسببت في حدوث شيء ما، حتى لا يعاقبني الله -عز وجل-.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أسماء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فلا شك أن محاسبة الإنسان نفسه ثمرة من ثمرات الإيمان الحق، وخطوة على الطريق الصحيح، يحاسب نفسه فإن وجد خيرًا حمد الله واهب الخير، وإن وجد شرًا استغفر الله عز وجل، وهذه غاية عظيمة في باب مراقبة الله عز وجل، وما وفق الله عز وجل العبد لمحاسبة النفس إلا وفقه لطريق السلامة.

بل إن بعض أهل العلم يقولون: ما وفق الإنسان لشيءٍ بعد الإيمان مثل محاسبة النفس، وتأديبها بعد الحساب لها. فمحاسبة النفس سبيل النجاة.

وورد في الأثر أن عمر قال مخاطباً الناس: (أيها الناس! زنوا أعمالكم قبل أن توزنوا، وحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وتهيئوا للعرض الأكبر، (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ) [الحاقة:18].

وقد أُثر عن ابن دقيق العيد -رحمة الله عليه-، الإمام الجليل صاحب الإحكام، أنه قضى في قضية، فلما انتهى من القضية اتهمه أحد الخصمين بأنه جار في حكمه، وأنه لم يحسن القضاء، فقال له: أتتهمني؟! والله الذي لا إله إلا هو ما تكلمت بكلمة منذ أربعين عاماً إلا وأعددت لها جواباً بين يدي الله عز وجل.

وعليه فقصدك صحيح -أختنا الكريمة-، لكنك تجاوزت حد الاعتدال في التأديب، والعبد مأمور بأن يأخذ بأحكام الله ويلتزم حدها، فإذا أخطأت في حق أحد فليس عليك معاقبة نفسك بما أخطأت فيه، ولا تعذيب نفسك بذلك، بل عليك ما يلي:

1- الاستغفار من الذنب.

2- رد الحقوق إلى أهلها إن كانت هناك حقوق مادية أو معنوية، فإذا تحدثت عن فتاة بسوء أمام جماعة من النساء، فيلزم بعد الاستغفار والتوبة أن تصححي هذا الخطأ أمام تلك النساء لا أكثر من ذلك.

3- أن تستسمحي من قلت في حقها كلام سوء، بأن تعتذري لها إن كانت ممن تقبل الاعتذار، فإن علمت أن حديثك إليها قد يسبب لك مشكلة أكبر، فعليك بعد الاستغفار ورد الحق أن تكثري من الدعاء لها، وأن تتصدقي عنها بصدقة.

هذا ما عليك فعله، أما مسألة معاقبة النفس بذات الخطأ فأمر لا يجوز ولا يحل .

نسأل الله أن يحفظك، وأن يرعاك، وأن يرزقك الإيمان والصدق في القول والعمل، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً