الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحتاج إلى الزواج، فهل أسعى إليه أم أنتظر القدر؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب عمري 26 سنة، قد أضعت الكثير من السنين بسبب ظروفي، وما زلت في أول سنة في الجامعة.

سؤالي هو: هل الزواج من الله أم أني يجب أن أسعى إليه؟ وهل دراستي في الجامعة تعد من السعي، أم أني يجب أن أترك الجامعة وأذهب للعمل لكي أجمع المال وأتزوج؟

علمًا أني لا أطيق الصبر على هذا الحال، وأرغب في الزواج من زمن طويل، لكن لا أحد في زماننا هذا يُزوّج طالباً لا مال لديه.

وشكرًا مقدمًا لكم.


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك - ولدنا الحبيب - في استشارات إسلام ويب. نسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائه وصفاته أن يكفيك بحلاله عن حرامه، وأن ييسّر لك أسباب التعفُّف، ويرزقك الرزق الكافي الواسع، إنه غني كريم.

وخير ما نوصيك به أولًا - أيها الحبيب - تحقيق تقوى الله تعالى بأداء الفرائض واجتناب المحرَّمات، فإن هذا من أعظم أسباب الرزق، كما قال الله في كتابه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 2-3] ، وقال: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} [الطلاق: 4].

ثانيًا: موضوع الزواج - أيها الحبيب - هو قدر من أقدار الله تعالى، والله تعالى قدّر المقادير بأسبابها، وكما قال الشاعر:
ألَم ترَ أن اللهَ قال لمريَم: وهُزِّي ... إليكِ الجِذعَ يُساقِط الرُّطَبْ
ولو شاء أن تجنيه من غيرِ هَزِّها ... جَنَتهُ، ولكنْ كلّ شيءٍ لهُ سبَبْ

فمن يرد الزواج لا بد أن يسعى بقدر استطاعته في الأسباب المباحة المشروعة، حتى يُحصّل هذا القدر. ولكن إذا لم يستطع الإنسان ذلك فإن الله تعالى أرشده إلى الأخذ بأسباب العفّة، فقال سبحانه وتعالى: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور: 33] ففي الآية الأمر بالاستعفاف وطلب أسباب العفّة، يعني:
- صون العين والأذن عن سماع المثيرات.
- عدم الاشتغال بما يُثير النفس من القراءات، أو نحو ذلك.
- شغل النفس أيضًا بالشيء النافع.
- مصاحبة الصالحين والطيبين.
- ممارسة الرياضة.
- المداومة على الصيام.

وغير ذلك من الأسباب التي تُعين الإنسان على التعفّف، حتى يَمُنّ الله سبحانه وتعالى عليه بالسبب للزواج {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}، وهذا فيه إشارة إلى أن الله سبحانه وتعالى سيُغنيهم، وسيفتح عليهم، ولكن قد يحتاج الأمر منهم لشيء من الصبر. فنسأل الله تعالى أن يعفّك بالحلال عن الحرام.

ودراستك للدراسة الجامعية هي من جملة الأسباب؛ لأنك تؤهل نفسك بهذه الدراسة لتحصل على العمل المناسب لك، ومعلوم ما أصبحت عليه أحوال الناس اليوم من اعتبار الشهادات الجامعية والتخصصات، فأنت الآن سائر في الطريق - أيها الحبيب - ينبغي أن تجتهد في تكميل دراستك الجامعية، وأن تأخذ بأسباب التعفف وتستعين بالله سبحانه وتعالى، وسيُعينك الله.

لكن لو تركت الدراسة الجامعية وبحثت عن عمل ووجدته، فإنك لا تأثم بذلك، فالأمر لا يزال في دائرة المباح، ولكن ينبغي أن تُقارن أنت بين ما هو أنفع لك، وأكثر ملائمة ومحافظة على دينك.

نوصيك ونذكّرك بضرورة وبأهمية الدعاء، فابتهل إلى الله سبحانه وتعالى، مع تقواك له، ابتهل وادعوه سبحانه وتعالى أن يُسهّل لك، ولن يردّك خائبًا بإذن الله.

نسأل الله تعالى لك التيسير، وأن يوفقك للخيرات.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً