الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لدي قلق وخوف وتردد في اتخاد القرار، ما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

منذ 40 سنة وأنا أعاني من القلق والخوف، والتردد في اتخاد القرار، وحينذاك لم يكن في مدينتي أي طبيب منذ عام 1976م، وتأقلمت مع هذا الوضع إلى الآن.

زرت عدة أطباء نفسانيين، ومعالجين نفسانيين، وأخبروني أن ما أعاني منه هو القلق المعمم، فالأطباء يصفون لي أدوية مثل nodep أو esciplex.

كلما قرأت عن هذه الأدوية أخاف من آثارها الجانبية، فلم أستعملها إلى اليوم.

حين عرفت أعراض هذا المرض اكتشفت أني ضيعت كثيراً من الفرص، خاصة في مساري المهني والمادي والاجتماعي، بسبب ترددي وخوفي.

الآن أنا متقاعد، وغير اجتماعي، وأتوتر بسرعة، وشخصيتي ضعيفة، لا أحب المواجهة، وسريع البكاء.

هل تنفعني هذه الأدوية أم أتجه إلى العلاج المعرفي السلوكي؟ وإن كان محل إقامتي لا يوجد فيها معالجون نفسانيون.

علماً بأني -الحمد لله- أمارس رياضة المشي يومياً، ولا أدخن ولا أشكو من أي مرض، ولا أتناول أي أدوية، ولكن تفكيري سلبي ومتشائم، وسريع الغضب والانفعال لأتفه الأسباب. قد أبدوا ظاهرياً متزناً ووقوراً، ولكن دماغي لا يهدأ من التفكير.

اكتشفت أن جل المخاوف التي أرقتني وأزعجتني كل هذه السنوات لم يتحقق منها شيء إلا أنها أثرت عند إدخال قرارات خاطئة؛ مما جعلني ألوم نفسي في كثير من الأحيان، خاصة حينما أعود إلى الماضي، وأبدأ في: ماذا لو؟!

أرجو الله أن تكونوا قد استوعبتم مشكلتي، مع أن الأفكار غير متناسقة، وأنا في انتظار ردكم، وتقبلوا فائق تقديري واحترامي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أمداح حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في موقع إسلام ويب، ونسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

أخي الكريم: لا بد أن نؤكد لك حقيقة مهمة جدًّا، أن الحاضر أقوى من الماضي؛ لأن الحاضر نستطيع أن نستفيد منه ونستطيع أن نُخطط لحياتنا، وأن نُغيّر أنفسنا، وأن نفصّل حياتنا كما نريد، لا أريدك أن تعيش في الماضي أبدًا، الماضي له إيجابياته وسلبياته، وأنت ذكرت أنك قد فوّت فرص علاج، هذا أمرٌ انتهى، بشرط ألَّا تفوّت فرص العلاج الآن.

أعراضك هذه - أخي الكريم - هي أعراض قلق وتوتر، وقد يكون نشأ من ذلك شيء من الاكتئاب الثانوي البسيط، وكل المطلوب منك - أخي الكريم - هو أن تتناول الدواء، هذه الأدوية أصلًا صُنعت لأن يستفيد منها الناس، والأدوية لها آثار جانبية، لكن الأدوية التي ذُكرت لك مثلًا مثل الـ (سيبرالكس) هو من أكثر الأدوية السليمة والنقية.

الناس - يا أخي - تتناول العلاج الكيميائي، وتتناول علاجاً لأمراض القلب، فيا أخي الكريم: أرجو ألَّا تحرم نفسك من نعمة الدواء، أرجو أن تبدأ في تناول السيبرالكس الآن، والسيبرالكس يُسمَّى علميًا (اسيتالوبرام).

الجرعة المطلوبة هي أن تبدأ بخمسة ملجم -أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة ملجم- وبعد عشرة أيام اجعلها حبة كاملة - أي عشر ملجم- يوميًا لمدة شهر، ثم اجعل الجرعة بعد ذلك عشرين ملجم يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، وهذه هي الجرعة العلاجية.

بعد ذلك خفض الجرعة واجعلها عشرة ملجم يوميًا لمدة ستة أشهر، ثم اجعلها خمسة ملجم يوميًا لمدة شهرٍ، ثم خمسة ملجم يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

هذا من أفضل الأدوية، ودواء سليم، وغير إدماني، ولا يؤثر على القلب، ولا على الكلى، ولا على الكبد، ولا على الدماغ، إنما تأثيراته كلها إيجابية. فلا تحرم نفسك - أخي الكريم - من نعمة العلاج.

أنصحك أيضًا أن تجري الفحوصات الطبية الدورية، في مثل عمرك لا بد أن تراجع الطبيب على الأقل مرة كل ثلاثة أشهر، تتأكد من قوة الدم لديك، تتأكد من وظائف الكبد، الكلى، مستوى الدهنيات، وظائف الغدة الدرقية، مستوى فيتامين (د) وفيتامين (ب12) ومستوى الأملاح، خاصة الصوديوم والبوتاسيوم.

انتهج هذا المنهج والحمد لله تعالى أنت تمارس الرياضة، وأرجو ألَّا تتهم نفسك بهذه السلبيات، من أنك ضعيف الشخصية، وأنك سلبي، لا، لماذا أخي الكريم؟

الله تعالى حبانا بالمهارات، وبالقدرة، وبالعقل لنفكّر به على النحو السليم، وحتى إن كانت هناك سلبيات في الحياة هنالك إيجابيات، بل الإيجابيات أكثر، ونعم الله علينا لا تحصى ولا تُعد.

أنا أعتقد أنك تحتاج فعلًا لإعمال الفكر الإيجابي، والشعور الإيجابي، والأفعال الإيجابية، وهذا هو العلاج السلوكي ليس أكثر من ذلك. أنصحك بتطبيق سلوك مُعيّن، وهو الحرص على الواجبات الاجتماعية، لا تتخلف من واجب اجتماعي، شارك الناس في أفراحهم، وفي أتراحهم، صِل رحمك، زر المرضى، لبِّ الدعوات، امشِ في الجنائز، ... هذا كله فيه خير كثير لك.

الصلاة يجب أن تكون على وقتها، وفي المسجد، هذا يعطيك الدافع النفسي السلوكي الإيجابي الكبير.

عليك بالقراءة وبالاطلاع، وبُحسن إدارة الوقت، أعتقد أنك إذا اتبعت هذه الإرشادات وطبقتها، وتناولت الدواء الذي وصف لك ستكتشف أنك تتمتع بصحة نفسية ممتازة جدًّا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً