الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل لابد من مواقف بين الجنسين حتى تنشأ مشاعر الحب ثم خطوبة؟

السؤال

نحن نعلم أن الحب والإعجاب بين ذكر وأنثى ليس حراماً ما دام تحت ضوابط إسلامية، ومعرفة الأهل، لكن كيف يمكن أن يحب الإنسان من دون الخضوع في مواقف حياتية مع أحد؟

فمثلاً أنا انجذبت إلى شخص ملتزم، ومطيع لله، لكني لا أرى أنه سبب يؤكد حبي له، وأنه من الأفضل الزواج منه؛ لأن هناك الكثير من الرجال الملتزمين، ويمكن أن يكون ملتزمًا يقرأ القرآن، ويصلي جميع الفروض، لكن طريقة تفكيره وأسلوبه لا توافقني، فليس هناك غير الخضوع في مواقف للتأكد من شخصيته، بالإضافة إلى ذلك الحب لا يأتي من النظرة الأولى، أو شعور سحري بمجرد رؤية المحبوب، بل من المواقف التي يخوضها الاثنان معًا التي تنشأ من خلالها مشاعر الحب طبعًا مع الالتزام بالشريعة الإسلامية مثل: عدم اللمس، أو الإغراء أو غيره - فمثلا مشاركة اثنين معًا في مشروع تعليمي، أو عملي، أو حتى محادثة -دون اختلاء- يمكن أن تساعد في معرفة الشخص معرفة جيدة وإنشاء مشاعر الحب التي ستؤدي إلى حدوث خطوبة، ثم زواج، فهل ذلك التفكير صحيحاً، ويرضي الله أم خطأ؟ وإن كان خطأ فكيف تتأكد أن الذي أمامك يحبك دون حدوث مواقف وفقًا للشريعة الإسلامية؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك - ابنتنا العزيزة - في استشارات إسلام ويب.

أولًا: نشكر لك تواصلك بالموقع، كما نشكر لك حرصك على التزام آداب الشريعة الإسلامية، وإدراككِ بأنها آداب مُلزمة، وأن الخير في التزامها والوقوع عندها.

وما ذكرته - أيتها البنت الكريمة - من الحاجة إلى معرفة صفات الخاطب ومدى ملاءمة هذه الصفات للفتاة يمكن الوصول إليه بالسؤال عنه ممّن يعرفه، ويعرفون باطن أحواله، كلّ هذا جاء التوجيه النبوي بمعرفة معيارين في الخاطب، وهما: الدّين والخُلق، حين قال عليه الصلاة والسلام: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخُلقه) والأخلاق لا تخفى، فمن يُخالط الإنسان يعرف أخلاقه، فيمكن للإنسان أن يعرف الصفات وأخلاق هذا الخاطب من خلال السؤال عنه ممَّن عاشره وخالطه، وهذا القدر يكفي لمعرفة مدى ملاءمته ليكون زوجًا لهذه الفتاة أو لا.

وغالبُ الناس كانوا يتزوجون بهذه الطريقة، ومع ذلك تنشأ أسر يحصل فيها الحب والتوافق بين الزوجين والتئام الأسرة، وتتحقق المقاصد الشرعية من الزواج على أتم الوجوه وأحسنها، فليس صحيحًا إذًا أنه لكي نعرف مدى ملاءمة هذا الخاطب وصلاحيته للزواج أنه لابد من مخالطته ومعاشرة هذه الفتاة له بأنواع من المخالطة، وإن كانت ملتزمة بالآداب الإسلامية - كما ذكرتِ -، ليس صحيحًا أننا لن نصل إلى ما نريد من معرفة صفاته إلَّا من خلال هذه الوسيلة.

وأمَّا ما ذكرتِه من أنه لا يمكن أن تُحبَّه إلَّا إذا تعرّضت لمواقف تدعو إلى حُبِّه؛ فهذا صحيح من وجهٍ، ولكن ليس هو المطلوب، فليس مطلوبًا من المرأة أن تُحبَّ هذا الإنسان كامل الحب قبل أن تتزوَّج به، بل يكفي أن تعلم وتُدرك أنه الشخص المناسب لها، وأن فيه من الصفات ما يُؤهله لأن يكون زوجًا مناسبًا ومحبوبًا، فإذا وجد هذا فإن هذا كافٍ بإذن الله تعالى، ثم المحبة الحقيقية الكاملة ستنشأ عند المعاشرة بين الزوجين في هذه الحياة، وبنائهما لحياتهما الخاصّة، والنفوس مجبولة على حُبّ من أحسن إليها، وحب الجميل، وحب الإحسان، وهذه كلها أمور تحدث بين الزوجين بعد الزواج.

ومع هذا كلِّه نقول - ابنتنا الكريمة -: إن مجرد التقاء الرجل بالمخطوبة ليس حرامًا في ذاته، وإنما بما تحفُّه من المخالفات، والشارع رخّص له في أن ينظر إليها بقدر ما يدعوه إلى خطبتها، ثم أمره بغض البصر، ونهاه عن الخلوة بها، وغير ذلك من المحرمات بين الرجل والمرأة الأجنبية.

نسأل الله تعالى أن يُقدّر لك الخير حيث كان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً