الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ذنوبي تقودني للفشل في كثير مما أتمناه وأدعو به، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

أنا صاحب الاستشارة رقم: (2519867) واسمي سيد، في الصف الثالث الثانوي.

بعد تأخري في المذاكرة ومراجعة الدروس قلت: قدر الله وما شاء فعل، وإن شاء الله سأكون أفضل، وأذاكر وأحافظ على الصلاة، وأبدأُ في العلم الشرعي، وأبدأُ بأشياء كثيرة جيدة، كحفظ القرآن والرياضة؛ لأن وزني زائد، ونومي قليل من الليل، وأبدأ في قيام الليل، وكثير من الأمور الجيدة التي أريدها، لكن حدث عكس توقعي تمامًا، حيث إن ذنوبي تزداد يومًا عن الآخر، كمشاهدة الأفلام الإباحية، وعقوق الوالدين، والكثير غير ذلك، وترك الصلاة تكاسلًا، والشتائم، وكثير غير هذه الأمور، وآن وقت الامتحانات فهي في 6/21.

وأنا في مادتي الإنجليزي والفرنسي لم أفتح لهما كتابًا إلى الآن، والحمد لله أنهيت الفيزياء، ومادة اللغة العربية انتهيت منها إلَّا النحو؛ لأني أحب النحو، أمَّا الأدب والبلاغة فلم أدرسهما، لأني أيضًا أكره الحفظ، ولا أستطيع حفظ سطر واحد.

وكثيرًا ما دعوت الله أن يرزقني سرعة الحفظ مثل: الإمام الشافعي، ولم يحدث شيء مما دعوتُ به، ودعوت الله أن يصلح حالي، ويجعلني من الصالحين، وأن يُحبب قلبي للدراسة، وأخذت كثيرًا بالأسباب، وحاولت المحافظة على صلاتي وفشلت، وحاولت أن أبر والدي وفشلت، وحاولت النوم لـ 4 ساعات وفشلت، وحاولت أن أذاكر كثيرًا وفشلت.

أود أن تشيروا عليَّ بكيفية إصلاح ديني ودنياي، وكيف أغتنم كل لحظة؛ لأن نفسي مُقفلة من ناحية المذاكرة، وكلما حاولت المذاكرة يأتيني السرحان وأنعس، وأغوص في أحلام اليقظة، ولا أقرأ حتى أول صفحة.

وفي هذه الأيام قد أنام أكثر من 12 ساعة، وأضيع الصلوات، وكنت أتمني الموت حتى يستريح العالم من شري، فعلمت بحديث (لا يَتَمَنَّى أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ، إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُحْسِنًا فَيَزْدَادُ خَيْرًا، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ ‌مُسِيئًا ‌فَيُسْتَعْتَبُ) فتوفقت عن ذلك التفكير.

فأرجو أن تساعدوني بنصائح في طلب العلم الشرعي بعد مرحلة الثانوية.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سيد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك - ابننا الفاضل - في الموقع، ونسأل الله أن يهديك لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو، وأن يهدينا جميعًا، وأن ييسّر الهدى إلينا، وأن يجعلنا سببًا لمن اهتدى.

بدايةً: نحبُّ أن نؤكد لك أن الشعور بالخلل هو بداية التصحيح، وأن المريض إذا لم يعترف بمرضه فكيف يطلب العلاج؟ وأنت - ولله الحمد - ممَّن عرف الطاعات، وعرف فضل الله عليه ونعمه عليه، فاحرص على كثرة التوجُّه إلى الله والصدق مع الله، وأصلح نيّتك، وتوجّه إلى الله تبارك وتعالى بقلبك وقالبك.

واعلم أن الذنوب والمعاصي لها ثمارها المُرَّة، وآثارها الخطيرة، وأن من أكبر ما يُعين الإنسان على الحفظ أن يبتعد عن المعصية، أن يغض بصره، قال الشافعي: "شَكَوتُ إِلى وَكيعٍ سوءَ حِفظي ... فَأَرشَدَني إِلى تَركِ المَعاصي ... وَأَخبَرَني بِأَنَّ العِلمَ نورٌ ... وَنورُ اللَهِ لا يُهدى لعاصي"، وقال مالك للشافعي: "إني أرى على قلبك نورًا، فلا تُطفئه بظلمة المعصية"، وقال ابن مسعود: "كنا نُحدَّثُ أن الخطيئة تُنَسِّي العلم".

ولذلك ينبغي أن تتجنب المعاصي؛ لأن لها شؤمها وثمارها المُرَّة، فللمعصية ظلمة في الوجه، وضيقًا في الصدر، وبغضةٌ في قلوب الخلق، وتقتيرًا في الرزق، يقول الله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [البقرة: 282] ، ويقول: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} [الطلاق: 2-3] ، {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} [الطلاق: 4]. ويقول على لسان يوسف عليه السلام: {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف: 90].

فاحرص على التقوى، واحرص على الإكثار من الحسنات الماحية، فإن الحسنات يُذهبن السيئات، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، واجتهد دائمًا في أن تضع خطة لنفسك، واجعلها خطة معقولة؛ لأن (فإن المُنْبَتَّ لا أرضًا قطع، ولا ظهرًا أبقى).

مسألة المذاكرة والدراسة تحتاج إلى أن يكون الإنسان فيها مُقبلًا، وإذا وجد فتورًا ارتاح، ثم واصل مسيره.

كما أرجو أن تنظّم جدول المذاكرة، وأن تُحدد الأشياء الأكثر أهمية، وأن تجتهد في استخدام أكثر من حاسّة، كأن تتكلَّم وتكتب وتُلخِّص، وتضع علامات على النقاط المهمّة حتى تُكرّرها وتُركّز عليها.

واطلب المساعدة من الزملاء الفضلاء، ومن المعلّمين الكُرماء، حتى يُعيدوا لك شرح الأمور التي تحتاج إلى مزيد من الشرح.

نسأل الله أن يُعينك على تجاوز هذه الأزمات، ونحن على ثقة أنك ستعود، والذي نرجوه هو ألَّا تُعطي الشيطان فرصة، وتذكّر أن الله توّاب رحيم، فنسأل الله تبارك وتعالى أن يتوب علينا وعليك، وأن يُلهمك السداد والرشاد، هو وليُّ ذلك والقادرُ عليه.

وللفائدة راجع هذه الروابط: (16790 - 2102261 - 2266272).

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً