الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الوساطة بين البنوك والمقترضين دون أُجْرَة

السؤال

هل الشركات التي تساعد الناس في أخذ القروض من البنك (وسيط) بدون عائد مادي منهم، ولكن بغرض شراء سلع، ومنتجات من الشركة نفسها؛ لأنها لا يوجد بها المعاملة بالقسط حرام، أم حلال؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإذا كان البنك يقرض من يريد الشراء قرضا ربويا، -وهو المتبادر؛ لأن البنوك لا تعطي قروضا حسنة بلا فائدة-، فلا يجوز التوسط في هذه المعاملة، ولو دون عائد مادي على هذا التوسط؛ لما في ذلك من إقرار المنكر، والإعانة على الإثم، وقد قال الله -تعالى-: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: 2}.

والشرع لم يأت بلعن آكل الربا، ومؤكله وحدهما، بل لعن كذلك كاتبه، وشاهده؛ لما في فعلهما من إعانة عليه، ولذلك: لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- آكل الربا، ومؤكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال: هم سواء. رواه مسلم. قال النووي في شرحه: فيه تحريم الإعانة على الباطل. اهـ.

وقال الصنعاني في (التنوير): (وكاتبه، وشاهده)؛ لأنهما رضيا به، وأعانا عليه. اهـ.

وقال ابن بطال في «شرح صحيح البخاري»: المعونة على معاصي الله، وما يكرهه الله، للمعين عليها من الوزر، والإثم مثل ما لعاملها، ولذلك نهى الرسول عن بيع السيوف في الفتنة، ولعن عاصر الخمر، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه، وكذلك سائر أعمال الفجور. اهـ.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -كما في مجموع الفتاوى-: إذا أعان الرجل على معصية الله كان آثما؛ لأنه أعان على الإثم، والعدوان، ولهذا لعن النبي -صلى الله عليه وسلم- الخمر، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه، وبائعها، ومشتريها، وساقيها، وشاربها، وآكل ثمنها، وأكثر هؤلاء، كالعاصر، والحامل، والساقي، إنما هم يعاونون على شربها. اهـ.

وأما لو كان المقصود غير ما بيناه، فيرجى إيضاحه حتى نجيب عنه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني