الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5803 - وعنه ، قال : كنت أمشي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليه برد نجراني غليظ الحاشية فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذة شديدة ورجع نبي الله - صلى الله عليه وسلم - في نحر الأعرابي حتى نظرت إلى صفحة عاتق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أثرت بها حاشية البرد من شدة جبذته ، ثم قال : يا محمد ، مر لي من مال الله الذي عندك ، فالتفت إليه - صلى الله عليه وسلم - ثم ضحك ، ثم أمر له بعطاء . متفق عليه .

التالي السابق


5803 - ( وعنه ) أي : عن أنس ( قال : كنت أمشي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليه برد ) أي : ثوب مخطط على ما في النهاية ( نجراني ) : بفتح نون وسكون جيم منسوب إلى نجران بلد باليمن ذكره شارح ، وفي النهاية : هو موضع معروف بين الحجاز والشام واليمن ، ( غليظ الحاشية ) ، أي الطرف ( فأدركه أعرابي ) ، أي لحقه ( من ورائه فجبذه ) أي : فجذب الأعرابي النبي - صلى الله عليه وسلم - بردائه ( جبذة شديدة ) ، والجبذ : لغة في الجذب ، وقيل : هو مقلوب منه ( ورجع نبي الله - صلى الله عليه وسلم - في نحر الأعرابي ) أي : في صدره ومقابله من شدة جذبه . قال الطيبي أي : استقبل - صلى الله عليه وسلم - نحره استقبالا تاما ، وهو معنى قوله : وإذا التفت التفت معا ، وهذا يدل على أنه لم يتغير ولم يتأثر من سوء أدبه . ( حتى نظرت إلى صفحة عاتق رسول الله - صلى الله عليه وسلم ) : وهو موضع أداء من المنكب ( قد أثرت بها ) أي : في صفحته . ( حاشية البرد من شدة جذبه ) ، قلت : وصدق الله في قوله : الأعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله . ( ثم قال : يا محمد ) ! والظاهر أنه كان من المؤلفة ، فلذلك فعل ما فعله ، ثم خاطبه باسمه قائلا على وجه العنف مقابلا لبحر اللطف ( مر لي ) أي : مر وكلاءك بأن يعطوا لي أو مر بالعطاء لأجلي ( من مال الله الذي عندك ) ، أي من غير صنيع لك في إعطائك ، كما صرح في رواية حيث قال : لا من مالك ولا من مال أبيك . قيل : المراد به مال الزكاة ، فإنه كان يصرف بعضه إلى المؤلفة ، ( فالتفت إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم ) ، أي فنظر إليه تعجبا ( ثم ضحك ) ، أي تلطفا ( ثم أمر له بعطاء ) . وفيه استحباب احتمال الوالي من أذى قومه ، وفيه دفع المال حفظا على عرض الرجال ( متفق عليه ) .




الخدمات العلمية