عرش : العرش : سرير الملك ، يدلك على ذلك سرير ملكة سبأ سماها عز وجل عرشا ، فقال عز من قائل : إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم ، وقد يستعار لغيره ، وعرش الباري سبحانه ولا يحد ، والجمع أعراش وعروش وعرشة ، وفي حديث بدء الوحي : فرفعت رأسي فإذا هو قاعد على عرش في الهواء ، وفي رواية : بين السماء والأرض ، يعني جبريل على سرير ، والعرش : البيت ، وجمعه عروش ، وعرش البيت : سقفه ، والجمع كالجمع وفي الحديث : ، وقيل : على عريش لي ، العريش والعرش : السقف ، وفي الحديث : أو كالقنديل المعلق بالعرش يعني بالسقف ، وفي التنزيل : كنت أسمع قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا على عرشي الرحمن على العرش استوى ، وفيه : ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية ، روي عن أنه قال : الكرسي موضع القدمين ، والعرش لا يقدر قدره ، وروي عنه أنه قال : العرش مجلس الرحمن ، وأما ما ورد في الحديث : ابن عباس سعد فإن العرش هاهنا الجنازة ، وهو سرير الميت واهتزازه فرحه بحمل اهتز العرش لموت سعد عليه إلى مدفنه ، وقيل : هو عرش الله تعالى ; لأنه قد جاء في رواية أخرى : سعد ، وهو كناية عن ارتياحه بروحه حين صعد به لكرامته على ربه ، وقيل : هو على حذف مضاف تقديره : اهتز أهل العرش لقدومه على الله لما رأوا من منزلته وكرامته عنده ، وقوله عز وجل : اهتز عرش الرحمن لموت فكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمة فهي خاوية على عروشها ، قال : المعنى أنها خلت وخرت على أركانها ، وقيل : صارت على سقوفها كما قال عز من قائل : الزجاج فجعلنا عاليها سافلها ، أراد أن حيطانها قائمة وقد تهدمت سقوفها فصارت في قرارها وانقعرت الحيطان من قواعدها فتساقطت على السقوف المتهدمة قبلها ، ومعنى الخاوية والمنقعرة واحد ، يدلك على ذلك قول الله عز وجل في قصة قوم عاد : كأنهم أعجاز نخل خاوية ، وقال في موضع آخر يذكر هلاكهم أيضا : كأنهم أعجاز نخل منقعر ، فمعنى الخاوية والمنقعر في الآيتين واحد وهي المنقلعة من أصولها حتى خوى منبتها ، ويقال : انقعرت الشجرة إذا انقلعت ، وانقعر النبت إذا انقلع من أصله فانهدم ، وهذه الصفة في خراب المنازل من أبلغ ما يوصف ، وقد ذكر الله تعالى في موضع آخر من كتابه ما دل على ما ذكرناه وهو قوله : فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم ، أي : قلع أبنيتهم من أساسها وهي القواعد فتساقطت سقوفها وعليها القواعد وحيطانها وهم فيها ، وإنما قيل : للمنقعر خاو ، أي : خال ، وقال بعضهم في قوله تعالى : وهي خاوية على عروشها ، أي : خاوية عن عروشها لتهدمها ، جعل على بمعنى عن ، كما قال الله عز وجل : الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون ، أي : اكتالوا عنهم لأنفسهم ، وعروشها : سقوفها ، يعني قد سقط بعضه على بعض ، وأصل ذلك أن تسقط السقوف ثم تسقط الحيطان عليها ، خوت : صارت خاوية من الأساس ، والعرش أيضا : الخشبة ، والجمع أعراش وعروش ، وعرش العرش يعرشه ويعرشه عرشا : عمله ، وعرش الرجل : قوام أمره منه ، والعرش الملك ، وثل عرشه : هدم ما هو عليه من قوام أمره ، وقيل : وهى أمره وذهب عزه ، قال زهير :
تداركتما الأحلاف قد ثل عرشها وذبيان إذ زلت بأحلامها النعل
والعرش : البيت والمنزل ، والجمع عرش ، عن كراع ، والعرش كواكب قدام السماك الأعزل ، قال الجوهري : والعرش أربعة كواكب صغار أسفل من العواء ، يقال إنها عجز الأسد ، قال : ابن أحمر[ ص: 97 ]
باتت عليه ليلة عرشية شربت وبات على نقا متهدم
وفي التهذيب : وعرش الثريا كواكب قريبة منها ، والعرش والعريش : ما يستظل به ، وقيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر : ألا نبني لك عريشا تتظلل به ؟ وقالت الخنساء :
كان أبو حسان عرشا خوى مما بناه الدهر دان ظليل
أي : كان يظلنا ، وجمعه عروش وعرش ، قال : وعندي أن عروشا جمع عرش ، وعرشا جمع عريش وليس جمع عرش ; لأن باب فعل وفعل كرهن ورهن وسحل وسحل لا يتسع ، وفي الحديث : فجاءت حمرة جعلت تعرش ، التعريش : أن ترتفع وتظلل بجناحيها على من تحتها ، والعرش : الأصل يكون فيه أربع نخلات أو خمس ، حكاه ابن سيده أبو حنيفة عن أبي عمرو ، وإذا نبتت رواكيب أربع أو خمس على جذع النخلة فهو العريش ، وعرش البئر : طيها بالخشب ، وعرشت الركية أعرشها وأعرشها عرشا : طويتها من أسفلها قدر قامة بالحجارة ثم طويت سائرها بالخشب ، فهي معروشة ، وذلك الخشب هو العرش ، فأما الطي فبالحجارة خاصة ، وإذا كانت كلها بالحجارة فهي مطوية وليست بمعروشة ، والعرش : ما عرشتها به من الخشب ، والجمع عروش ، والعرش : البناء الذي يكون على فم البئر يقوم عليه الساقي ، والجمع كالجمع ، قال الشاعر :
أكل يوم عرشها مقيلي
.وقال القطامي عمير بن شييم :
وما لمثابات العروش بقية إذا استل من تحت العروش الدعائم
. فلم أر ذا شر تماثل شره
على قومه إلا انتهى وهو نادم ألم تر للبنيان تبلى بيوته
وتبقى من الشعر البيوت الصوارم ؟
يريد أبيات الهجاء ، والصوارم : القواطع ، والمثابة : أعلى البئر حيث يقوم المستقي ، قال : والعرش على ما قاله ابن بري الجوهري بناء يبنى من خشب على رأس البئر يكون ظلالا ، فإذا نزعت القوائم سقطت العروش ، ضربه مثلا ، وعرش الكرم : ما يدعم به من الخشب ، والجمع كالجمع ، وعرش الكرم يعرشه ويعرشه عرشا وعروشا ، وعرشه : عمل له عرشا ، وعرشه : إذا عطف العيدان التي ترسل عليها قضبان الكرم ، والواحد عرش والجمع عروش ، ويقال : عريش وجمعه عرش ، ويقال : اعترش العنب العريش اعتراشا : إذا علاه على العراش ، وقوله تعالى : جنات معروشات ، المعروشات : الكروم ، والعريش ما عرشته به ، والجمع عرش ، والعريش : شبه الهودج تقعد فيه المرأة على بعير وليس به ، قال رؤبة :
إما تري دهرا حناني حفضا أطر الصناعين العريش القعضا
وبئر معروشة وكروم معروشات ، وعرش يعرش ويعرش عرشا ، أي : بنى بناء من خشب ، والعريش : خيمة من خشب وثمام ، والعروش والعرش : بيوت مكة ، واحدها عرش وعريش وهو منه ; لأنها كانت تكون عيدانا تنصب ويظلل عليها ، عن أبي عبيد . وفي حديث : أنه كان يقطع التلبية إذا نظر إلى عروش ابن عمر مكة يعني بيوت أهل الحاجة منهم ، وقال ابن الأثير : بيوت مكة ; لأنها كانت عيدانا تنصب ويظلل عليها ، وفي حديث سعد قيل له : معاوية ينهانا عن متعة الحج فقال : تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعاوية كافر بالعرش ، أراد بيوت إن مكة ، يعني وهو مقيم بعرش مكة ، أي : بيوتها في حال كفره قبل إسلامه ، وقيل : أراد بقوله كافر ، الاختفاء والتغطي ، يعني أنه كان مختفيا في بيوت مكة ، فمن قال : عرش ، فواحدها عريش مثل قليب وقلب ، ومن قال : عروش فواحدها عرش مثل فلس وفلوس ، والعريش والعرش : مكة نفسها ، كذلك ، قال الأزهري : وقد رأيت العرب تسمي المظال التي تسوى من جريد النخل ويطرح فوقها الثمام عرشا والواحد منها عريش ، ثم يجمع عرشا ثم عروشا جمع الجمع ، وفي حديث سهل بن أبي خيثمة : إني وجدت ستين عريشا فألقيت لهم من خرصها كذا وكذا ، أراد بالعريش أهل البيت ; لأنهم كانوا يأتون النخيل فيبتنون فيه من سعفه مثل الكوخ فيقيمون فيه يأكلون مدة حمله الرطب إلى أن يصرم ، ويقال للحظيرة التي تسوى للماشية تكنها من البرد : عريش ، والإعراش : أن تمنع الغنم أن ترتع وقد أعرشتها : إذا منعتها أن ترتع ، وأنشد :
يمحى به المحل وإعراش الرمم
.ويقال : اعروشت الدابة واعنوشته وتعروشته : إذا ركبته ، وناقة عرش : ضخمة كأنها معروشة الزور ، قالعبدة بن الطبيب :
عرش تشير بقنوان إذا زجرت من خصبة بقيت منها شماليل
وبعير معروش الجنبين : عظيمهما كما تعرش البئر إذا طويت ، وعرش القدم وعرشها : ما بين عيرها وأصابعها من ظاهر ، وقيل : هو ما نتأ في ظهرها وفيه الأصابع ، والجمع أعراش وعرشة ، وقال : ظهر القدم : العرش وباطنه : الأخمص ، والعرشان من الفرس : آخر شعر العرف ، وعرشا العنق : لحمتان مستطيلتان بينهما الفقار ، وقيل : هما موضعا المحجمتين ، قال ابن الأعرابي العجاج :
يمتد عرشا عنقه للقمته
.ويروى : وامتد عرشا ، وللعنق عرشان بينهما القفا ، وفيهما الأخدعان وهما لحمتان مستطيلتان عدا العنق ، قال : ذو الرمة
وعبد يغوث يحجل الطير حوله قد احتز عرشيه الحسام المذكر
لنا الهامة الأولى التي كل هامة وإن عظمت ، منها أذل وأصغر
وواحدهما عرش ، يعني عبد يغوث بن وقاص المحاربي ، وكان رئيس مذحج يوم الكلاب ، ولم يقتل ذلك اليوم ، وإنما أسر وقتل بعد [ ص: 98 ] ذلك ، وروي : قد اهتذ عرشيه ، أي : قطع ، قال : في هذا البيت شاهدان : أحدهما تقديم ( من ) على أفعل ، والثاني : جواز قولهم زيد أذل من عمرو ، وليس في عمرو ذل ، على حد قول ابن بري حسان :
فشركما لخيركما الفداء
.وفي حديث مقتل أبي جهل قال : سيفك كهام فخذ سيفي فاحتز به رأسي من عرشي ، قال : العرش عرق في أصل العنق ، وعرشا الفرس : منبت العرف فوق العلباوين ، وعرش الحمار بعانته تعريشا : حمل عليها فاتحا فمه رافعا صوته ، وقيل : إذا شحا فاه بعد الكرف ، قال لابن مسعود رؤبة :
كأن حيث عرش القبائلا من الصبيين وحنوا ناصلا
والأذنان تسميان : عرشين ؛ لمجاورتهما العرشين ، يقال : أراد فلان أن يقر لي بحقي فنفث فلان في عرشيه ، وإذا ساره في أذنيه فقد دنا من عرشيه ، وعرش بالمكان يعرش عروشا وتعرش : ثبت ، وعرش بغريمه عرشا : لزمه ، والمتعروش : المستظل بالشجرة ، وعرش عني الأمر ، أي : أبطأ ، قال الشماخ :
ولما رأيت الأمر عرش هوية تسليت حاجات الفؤاد بشمرا
الهوية : موضع يهوي من عليه ، أي : يسقط ، يصف فوت الأمر وصعوبته بقوله عرش هوية ، ويقال للكلب إذا خرق فلم يدن للصيد : عرش وعرس ، وعرشان : اسم ، والعريشان : اسم ، قال القتال الكلابي :
عفا النجب بعدي فالعريشان فالبتر