الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أمراض وخمول وعجز عن الدراسة، فهل هو سحر؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاة بعمر 20 سنةً، منذ صغري وأنا مجتهدة، وأحصل على أعلى الدرجات، حتى وصلت لمرحلة البكالوريا سنة 2020، حيث تغيرت تغيرًا مفاجئًا، وأصبحت شبه كسولة، وحصلت على معدل أقل بكثير من المعتاد، وفي نفس تلك الفترة كانت أمي مريضةً، وتعاني من آلام في بطنها، والتحاليل لم تكشف أي مرض، واستمر الحال على ما هو عليه، وتفاقمت حالة أمي، وصارت تعاني من تساقط في شعر الرأس والحاجبين، ونحافة شديدة، وقيل لها بأنها ربما تعاني من الذئبة الحمراء، ولا يوجد سبب واضح لهذا المرض، وكذلك حالي أنا وإخوتي الصغار الأربعة، وكذلك والدي!

الغريب أنني أنا وأخي صرنا نكره الدراسة، لدرجة أنني خرجت من الجامعة، وصرنا نتشاجر بالبيت دائمًا على أتفه الأمور، ونعاني كلنا من مشاكل المفاصل، وآلام في البطن، وتساقط في شعر الرأس والحاجبين، وخمول وكسل شديد، وأصبحت أنا وأخي كلما أردنا الدراسة، أو نوينا ذلك، شعرنا بالخمول، وأضعنا الوقت ولا ندرس أبدًا، ولاحظت قلة النظافة التي حلّت بي وبمنزلنا، وأشك بأننا مصابون بسحر ما، فهل هذا ممكن؟

سئمت من عدم توفيقي في الدراسة، وإضاعة السنوات، والمكوث بالبيت بغير نفع، رغم أنني أحمد الله دائمًا على كل حال، لكنني أحب الدراسة، وأريد أن أصبح طبيبةً صالحةً، والله يشهد على نيتي، لكنني حقًا لا أستطيع الدراسة، وكأن شيئًا ما يمنعني منها، علمًا بأني صرت ملتزمةً، ومحجبةً، ولم أكن كذلك في البكالوريا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة الزهراء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله أن يحفظك، وأهلك من شر كل ذي شر، وأن يصرف عنكم ما ألم بكم، وأن يحقق أمانيك، وتكونين غدًا طبيبةً بارعةً تنفع المسلمين بعلمها.

أختنا: نريد منك أن تسيري في اتجاهين معًا، اتجاه الذهاب للأطباء، والاجتهاد في تشخيص الحالات وأخذ الدواء، وهذا أمر مهم، ولا يمكن التهاون فيه.

ثانيًا: مسألة السحر، أو الحسد، أو العين كل هذا حقيقة واقعة، وقد قال تعالى: (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ).

وعليه فالسحر موجود وقائم، ولكننا لا نريد تضخيمه، أو تصوره بصورة أكبر مما هو عليه، كما لا نود تجاهله، لذا قلنا لك من البداية علينا أن نسلك الطريقين معًا، الطب والرقية الشرعية، واعلمي أن السحر علاجه قائم وموجود، فاطمئني، ولا تقلقي.

ثالثًا: علاج السحر، أو الحسد، أو العين كل هذا يزول بالرقى الشرعية مع الإيمان، والتصديق، واليقين:
وقد ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- الاسترقاء بـ "قل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، وقال: لم يتعوذ الناس بمثلهن" رواه مسلم.

وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا اشتكى قرأ على نفسه المعوذتين ونفث) والنفث: النفخ، وتعوذ النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمعوذتين لما سحره اليهود.

وصح عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال لمن رقى بالفاتحة: "وما يدريك أنها رقية" رواه البخاري.

وعليه: فالرقية الشرعية من الكتاب والسنة هي النافعة -بإذن الله-، وعليه فنحن ننصحك بما يلي:

أولاً: الرقية بهذا الآيات لكل من في البيت:
1. الفاتحة.
2- اآية لكرسي.
3- خواتيم سورة البقرة.
4- المعوذتان.
5- الإخلاص.

ثانيًا: قراءة سورة البقرة كل ليلة في البيت؛ فعن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم -قال: ( لا تجعلوا بيوتكم مقابر إن الشيطان ينفِر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة)، وعن أبي أمامة الباهلي قال : سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (اقرءوا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البَطَلة) أي السحرة، فإن لم تقدري على القراءة فلا بأس من السماع عن طريق المذياع، أو المسجل.

ثالثًا: المحافظة على الأذكار والأوراد الثابتة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ويمكنك الاستعانة بكتاب (حصن المسلم من أذكار الكتاب والسنة).

رابعًا: قراءة الرقية الشرعية على الماء وصبها على كل فرد منكم؛ فهي نافعة -بإذن الله تعالى-، وقد ذكر ابن القيم أثرًا في ذلك عن أبي حاتم عن ليث بن أبي سليم، قال: بلغني أن هؤلاء الآيات شفاء من السحر -بإذن الله- تقرأ في إناء فيه ماء، ثم يصب على رأس المسحور، والآيات هي قوله تعالى:

- (فلما ألقوا قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين) [يونس81 ].
- وقوله: (فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون) [الأعراف 118إلى120].
وقوله (إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى) [طه69].

وقد قال الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- حين سئل عن ذلك: فقد ثبت في سنن أبي داود أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قرأ في ماء في إناء وصبه على المريض، وبهذا يعلم أن التداوي بالقراءة في الماء، وصبه على المريض ليس محذورًا من جهة الشرع، إذا كانت القراءة سليمة.

كما يمكنكم الاستعانة بالمشايخ الذي يعالجون بالكتاب والسنة ،وإن كنا نفضل أن تقوموا أنتم بذلك.

خامسًا: إن استطعتم الذهاب إلى العمرة، والشرب من ماء زمزم، فهذا خير كبير، وإن لم تقدروا فيكفيكم ما مضى -إن شاء الله تعالى-، مع الاستمرار عليه، والصبر، واليقين بالله أنه هو الشافي المعافي، هذا هو الطريق، وستجدون الخير فيه -إن شاء الله تعالى-.

نسأل الله أن يصرف عنكم ما ألم بكم، إنه جواد كريم، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً