الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
المسألة الرابعة .

[ فيمن اصطرف دراهم بدنانير ، ثم وجد فيها درهما زائفا فأراد رده ] .

اختلف العلماء فيمن اصطرف دراهم بدنانير ، ثم وجد فيها درهما زائفا ، فأراد رده : فقال مالك : ينتقض الصرف ، وإن كانت دنانير كثيرة انتقض منها دينارا للدرهم فما فوقه إلى صرف الدينار ، فإن زاد درهم على دينار انتقض منها دينارا آخر ، وهكذا ما بينه وبين أن ينتهي إلى صرف دينار . قال : وإن رضي بالدرهم الزائف لم يبطل من الصرف شيء .

وقال أبو حنيفة : لا يبطل الصرف بالدرهم الزائف ، ويجوز تبديله إلا أن تكون الزيوف نصف الدراهم أو أكثر ، فإن ردها بطل الصرف في المردود .

وقال الثوري : إذا رد الزيوف كان مخيرا إن شاء أبدلها أو يكون شريكا له بقدر ذلك في الدنانير ( أعني : لصاحب الدنانير ) .

وقال أحمد : لا يبطل الصرف بالرد قليلا كان أو كثيرا . وابن وهب من أصحاب مالك يجيز البدل في الصرف ، وهو مبني على أن الغلبة على النظرة في الصرف ليس لها تأثير ، ولا سيما في البعض ، وهو أحسن .

وعن الشافعي في بطلان الصرف بالزيوف قولان .

فيتحصل لفقهاء الأمصار في هذه المسألة أربعة أقوال : قول بإبطال الصرف مطلقا عند الرد . وقول بإثبات الصرف ووجوب البدل . وقول بالفرق بين القليل ، والكثير . وقول بالتخيير بين بدل الزائف أو يكون شريكا له .

وسبب الخلاف في هذا كله : هل الغلبة على التأخير في الصرف مؤثرة فيه ، أو غير مؤثرة ؟ وإن كانت مؤثرة فهل هي مؤثرة في القليل أو في الكثير ؟

وأما وجود النقصان ، فإن المذهب اضطرب فيه ، فمرة قال فيه : إنه إن رضي بالنقصان جاز الصرف ، وإن طلب البدل انتقض الصرف قياسا على الزيوف ، ومرة قال : يبطل الصرف وإن رضي به ، وهو ضعيف .

واختلفوا أيضا إذا قبض بعض الصرف وتأخر بعضه ( أعني : الصرف المنعقد على التناجز ) : فقيل : يبطل الصرف كله ، وبه قال الشافعي ; وقيل : يبطل منه المتأخر فقط ، وبه قال أبو حنيفة ، ومحمد وأبو يوسف ، والقولان في المذهب .

ومبنى الخلاف الخلاف في الصفقة الواحدة يخالطها حرام ، وحلال; هل تبطل الصفقة كلها ، أو الحرام منها فقط ؟

التالي السابق


الخدمات العلمية