الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
المسألة السادسة

[ ما يقوله في الركوع والسجود ]

اتفق الجمهور على منع قراءة القرآن في الركوع والسجود لحديث علي في ذلك قال : " نهاني جبريل - صلى الله عليه وسلم - أن أقرأ القرآن راكعا ، وساجدا " قال الطبري : وهو حديث صحيح ، وبه أخذ فقهاء الأمصار ، وصار قوم من التابعين إلى جواز ذلك ، وهو مذهب البخاري ; لأنه لم يصح الحديث عنده ، والله أعلم .

[ ص: 110 ] واختلفوا : هل في الركوع والسجود قول محدود يقوله المصلي أم لا ؟ فقال مالك : ليس في ذلك قول محدود .

، وذهب الشافعي ، وأبو حنيفة ، وأحمد ، وجماعة غيرهم إلى أن المصلي يقول في ركوعه : ( سبحان ربي العظيم ) ثلاثا ، وفي السجود ( سبحان ربي الأعلى ) ثلاثا على ما جاء في حديث عقبة بن عامر . وقال الثوري : أحب إلي أن يقولها الإمام خمسا في صلاته حتى يدرك الذي خلفه ثلاث تسبيحات .

والسبب في هذا الاختلاف : معارضة حديث ابن عباس في هذا الباب لحديث عقبة بن عامر ، وذلك أن في حديث ابن عباس أنه - عليه الصلاة والسلام - قال : " ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعا أو ساجدا ، فأما الركوع فعظموا فيه الرب ، وأما السجود ، فاجتهدوا فيه في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم " ، وفي حديث عقبة بن عامر أنه قال : " لما نزلت فسبح باسم ربك العظيم قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اجعلوها في ركوعكم ، ولما نزلت سبح اسم ربك الأعلى قال : اجعلوها في سجودكم " وكذلك اختلفوا في الدعاء في الركوع بعد اتفاقهم على جواز الثناء على الله ، فكره ذلك مالك لحديث علي أنه قال - عليه الصلاة والسلام - : " أما الركوع فعظموا فيه الرب ، وأما السجود فاجتهدوا فيه في الدعاء " وقالت طائفة : يجوز الدعاء في الركوع ، واحتجوا بأحاديث جاء فيها أنه - عليه الصلاة والسلام - دعا في الركوع ، وهو مذهب البخاري ، واحتج بحديث عائشة قالت : " كان النبي - عليه الصلاة والسلام - يقول في ركوعه وسجوده : سبحانك اللهم ربنا ، وبحمدك اللهم اغفر لي " وأبو حنيفة لا يجيز الدعاء في الصلاة بغير ألفاظ القرآن ، ومالك ، والشافعي يجيزان ذلك .

والسبب في ذلك : اختلافهم فيه ، هل هو كلام أم لا ؟ .

التالي السابق


الخدمات العلمية